تشتاق الأم لأن تسمع صوت طفلها يناديها "ماما"، فتعلّمه نطقها، وحين ينطقها، تتصبح مهمتها بتلقينه المزيد من الكلمات وعبارات أمراً ليس بالسّهل، فتقع على عاتق الأم مهمة تحويل طفلها من متلقي (يأكل ويشرب وينام) إلى متفاعل يتحدث ويتكلم ويعبّر، وهو من خلال اللّغة يبدأ مشواره البشري الإنساني، وهذه نقطة تحول على الأهل مشاركة الطفل في تحقيقها وإنجازها.
والطفل مفطور على التواصل منذ ولادته، فالبسمة أول رد فعل تواصلي له مع الأشخاص يعبر به عن سعادته وإرتياحه أمّا بكاؤه فهو دليل جوعه أو عطشه، أو حاجته للإهتزاز والنوم، كما لو كان مبللاً، سوف يلوح بيديه ورجليه، وهكذا تكون الأم على دراية بطريقة التّواصل مع طفلها، ولا تنسى أنّ العيون لغة تخاطب جيدة، ففي المرحلة التي لا تؤهل الطفل للكلام، تكون العين نافذة التواصل الإشاري والغريزي، حيث التحديق به مع الابتسام، يعطي الطفل شعوراً بالاهتمام به واحتواءه، فيأمن ويهدأ.
وبعد هذه المرحلة، يبدأ بإختراع صوت ما ليجذب به من حوله "يناغي" ، أو يصدر أصواتاً مختلفة تعبر عن دهشته من أمر حدث ، أو كمناداة لمن حولهن والصوت هذا مختلف عن البكاء، بامكان الأم أن تلاحظه فهو ليس مرفقاً بالدموع.
واللغة الأداة رقم واحد للتواصل مع الآخرين ولتعلم أشياء جديدة، ولإكتشاف البيئة من حوله، وكلما نما الطفل وإتجه نحو التكلم، أصبحت أصواته أكثر تماسك، ويراقب شفاه الآخرين وطريقة نطقهم ويحاول تقليدهم، فيلجأ لمخارج الحروف، وعلى الأم أن تنتبه إلى أن طفلها ذكي وبوسعه التعلم، ولا تتركه ليتعلم لوحده فهذا سيسبب له التأخر بالكلام، عليها أن تجالسه، وتحدثه ببطء شديد حتى يراقبها كيف تنطق، و التعليم يكون بالتدريج بأن تردد له الكلمات وعبارات البسيطة مثل "ماما، بابا، لعبة، ماء..." وبعد أن ينجح الطفل في نطقها، تأتي مرحلة تعليمه العبارات، وعليكِ أن تلاحظي أن هناك فرق بين العبارة والجمل، فالعبارة تتكون من ثلاث كلمات وعبارات أو خمسة ليس أكثر، أما الجمل فهي تخلق نوع من الحديثلا العادي مث الذي يحدث مع الكبار.
الطفل ذو السّنة الواحدة وعدة أشهر، يصير متهيئاً لتعلم كل شيء، حتى ردود الأفعال والنبرات يقتبسها ممن حوله من أفراد العائلة لذا المثل الذي يقول "إبنك زرع إيدك" هو صحيح تماماً، فلقنيه الأشياء الجيدة.
حين يتعلم الطّفل كلمة جديدة أو عبارة أو رد فعل حسن، إبتسمي له وصفقي وهلّلي ثم أحضنيه وأطلبي منه تكرارها هكذا سوف ترسخ بدماغه، وتابعي معه، لمزيد من التطور اللّغوي، إقرأي له القصص القصير المصورة، المصحوبة برسومات جذّابة، ودعيه يقلب صفحاتها، ويؤشر على رسوم شخصياتها، فبذلك تفتحين المجال أمامه للإستيعاب، والتّفكير.
إجعلي الطّفل يألف من هم أكبر منه بقليل، ودعيه يلعب معهم وراقبيه، ثم قولي له أسماء اللعب مثل "كرة، مكعبات، سيارةن طائرة، فراشة" وكما أن تعليمه أسماء الفواكه و الحيوانات، وإصطحابه لرؤيتها سوف يساعده كثيراً في تطوره اللغوي، وقفزه عن عتبة الإنسان المتلقي لمنصة الإنسان المتفاعل.
