تغذية الرّضيع
تُعتبر السنةُ الأولى من حياة الطّفل فترة نموٍّ وتطوّرٍ كبيرٍ ومميّز وسريع، ويستمرّ بعدها نموّ الطفل وتطوّره، ويبدأ الطفل الرضيع حياته مُعتمداً فقط على الحليب، حليب الأم أو حليب الرضّع الصناعيّ، ثمّ يبدأ بعدها بتناول الأطعمة الصلبة شيئاً فشيئاً، ويجب على الوالدين معرفة كيفيّة قيامهم الاختيارات الصحيحة وتأمين البيئة المناسبة المريحة لتغذية الطفل لدعم صحته،[?] ذلك لأنّ التّغيرات والتطوّرات التي تطرأ على الطّفل تتطلّب تغيّرات في غذائه أيضاً.[?]
يُعتبر نوع الحليب الذي يرضعُه الطّفل والعُمر الّذي يتمّ فيه البدء بإدخال الأغذية الصّلبة إلى حمية الطّفل الرّضيع أهمّ العوامل المحدّدة لصحّة تغذيته، ويُعتبر حليب الأمّ الخيار الاحسن وأفضل والأكثر صحّة للرّضيع في بداية حياته، هذا بالإضافة إلى ما تمنحه الرّضاعة الطبيعيّة من فوائد صحيّة للأم، ويُعتبرُ حليب الأم مصدراً ممتازاً للعناصرِ الغذائيّة للرّضيع، بالإضافة إلى احتوائه على المركّبات التي تقي الطفل، ويُنصح بالاعتماد الكلّي والحصري على حليب الأم لتغذية الطفل الرّضيع حتى عمر 6 أشهر، وعلى الرّغم من ذلك فإنّه لا بأس باستعمال حليب الرّضع الصناعي المدعم بالحديد كبديل عن حليب الأم إذا ما اضطُرّ لذلك.[?]
يحتاج الطّفل الرضيع الذي يعتمد على حليب الأم في الأسابيع الأولى من حياته إلى 8-12 رضعة في اليوم، أو في كل مرّة يبكي فيها الطّفل بسبب الجوع؛ حيث يحصل الطفل الذي يرضع من أمّه كلّ ساعتين إلى ثلاثة وينام بين هذه الرضعات على كفايته الغذائيّة، وعلى الرّغم من أن الطفل يُفرغ حوالي نصف حليب الثدي خلال أول دقيقتين إلى ثلاثة من الرضاعة، إلّا أنّه يُنصح بإرضاعه لمدة 10-15 دقيقة من كل ثدي،[?] وفي عُمر 4 أسابيع يرضع الطّفل كل حوالي 4 ساعات، بينما في عمر شهرين إلى 4 أشهر، يسمح نضوج الأطفال للأم بإيقاف الرّضاعة أثناء اللّيل، وترتفع سعة المعدة للطفل من 10-20 مليغرام عند الولادة إلى 200 مليغرام في عمر سنة، مما يُمكّن الطفل من الحصول على وجبات أكبر وبتكرار أقل.[?]
إدخال الأغذية الصّلبة إلى حمية الطّفل
تتطوّر لدى الأطفال تدريجيّاً القدرة على مضغ وبلع وهضم الطعام الّذي يتناوله البالغون، ويلعب إدخال الأغذية المناسبة في المرحلة المناسبة دوراً مهمّاً في نموّ وصحّة الطفل، مع الحرص على إرضاع الطّفل من أمّه حتّى بعد إدخال الأغذية الصّلبة حتى عمر السّنة على الأقل.[?] وسيتم في هذا الجزء شرح هذه النقاط.
موعد أكل الرضيع
بالإضافة إلى حليبِ الأمّ أو الحليبِ الصناعيّ، يُمكنُ البدءُ بإدخال الأطعمة الصّلبة إلى حميةِ الطّفل عندما يبلغ من العمر 4 إلى 6 أشهر، حيث يختلفُ العمر المناسب لكلّ طفل باختلاف نموّه وتطوّره وظهور بعض المؤشّرات على استعداده للبدء بتناول الطّعام، مثل إظهار الرّغبة في تناول الطّعام عن طريق فتح الفم والتّقدم للأمام باتّجاه الطعام،[?] وتخلّص الطّفل من ردة الفعل التي تدفع بالملعقة إلى خارج فمه، والقدرة على الجلوس في كرسي الأطفال مع إبقاء الرأس قائماً.[?]
عند البدء بإطعام الطّفل تتوافر العديد من الخيارات الجاهزة، كما يُمكن تحضير أطعمة الطّفل في المنزل، ولكن لا بُدّ من الحرص على اختيار الخضروات والفواكه واللّحوم الطّازجة عالية الجودة، والتّأكد من نظافة جميع الأدوات والأواني المستخدمة، وغسل اليدين جيّداً قبل البدء بتحضير الطّعام، ومحاولة استعمال الحدّ الأدنى من الماء لغسل الأغذية وطبخها، مع مراعاة أن تكون كميّة الماء المستخدمة في الطهي كافية لهرس الطّعام، ويجب أن يتمّ طهي الأغذية حتى تُصبح طريّة دون المبالغة في طبخها حتّى لا تفقد من قيمتها الغذائيّة بشكلٍ كبير بسبب الحرارة، ويجب أن يتمّ هرس الطعام جيّداً، كما يجب تجنّب إضافة الملح والسّكر، وبعد تحضير الطّعام يمكن تفريزه في قوالب الثّلج ثم الاحتفاظ به بعد تجمّده في أكياس التفريز في الفريزر، حيث يمكن إخراج الوجبة اللازمة لإطعام الطّفل وإذابتها وتسخينها.[?]
عند البدء بإطعام الطّفل الرضيع، يُنصح بأن يتمّ إدخالُ نوعٍ واحد من الأغذية، ثم الانتظار لعدّة أيّام قبل إدخال غذاء جديد، وفي حال أصيب الطّفل بالإسهال أو الطّفح الجلديّ أو القيء بعد إدخال غذاء جديد، يجب التّوقف عن إطعامه له واستشارة طبيبه.[?] ويجب الحرص على منح الطّفل مصادر مناسبة للحديد الذي ترتفع حاجته له بين 4-6 أشهر بسبب استنفاد مخزون جسمه منه وعدم كفاية ما يمنحه الحليب الذي يرضعه، حتى لو كان يرضع الحليب الصّناعي المدعم بالحديد أو حليب الأم، وتمنح حبوب الأطفال الجاهزة المدعّمة بالحديد كمّيات جيّدة منه، إلّا أن الإتاحة الحيويّة للحديد من هذه الحبوب يُعتبر ضئيلاً، ويمكن إضافة مصدر من فيتامين ج لهذه الحبوب لتحسين امتصاصه، كما يجب الحرص على إطعامهم اللحوم أو بدائلها، مثل البقوليّات فور وصولهم إلى مرحلة مناسبة لتقبّلها.[?]
أمّا بالنّسبة لمصادر فيتامين ج، فتمنح الخضروات والفواكه هذا الفيتامين بكمّيات جيّدة، ويقترح البعض البدء بالخضروات قبل الفاكهة حتى لا يتعوّد الطّفل على المذاق الحلو للفاكهة ويرفض بعدها الخضروات،[?] على الرّغم من أنّ البعض الآخر يعتقد أنّ الأطفال يفضّلون المذاق الحلو بغض النّظر عن ترتيب إدخالهما إلى حميته، وأنّ هذه الفرضيّة لا توجد أبحاث علميّة لدعمها.[?]
الأطعمة المناسبة في عمر 4-6 أشهر
يمكن في هذه الفترة البدء بإطعام الطّفل الحبوب المدعّمة بالحديد المخصّصة للأطفال والممزوجة بحليب الأم أو حليب الرّضع الصناعيّ أو الماء، كما يُمكن البدء بالخضار والفواكه المهروسة.[?]
الأطعمة المناسبة في عمر 6-8 أشهر
يُمكن في هذه المرحلة البدء بتقديم الخضروات والفواكه المهروسة بشكل أقل، كما يُمكن البدء بعصائر الفواكه المخفّفة وغير المحلّاة من الكوب، مع الحرص على أن لا تتجاوز كميّة العصير التّي يتناولها الطّفل كميّة بسيطة حتى لا تحتلّ مكان الأغذية الأخرى التي تمنح السعرات الحراريّة والعناصر الغذائيّة الّتي يحتاجها الطّفل.[?]
الأطعمة المناسبة في عمر 8-10 أشهر
يُمكن في هذه المرحلة البدء بإطعام الطفل الخبز والحبوب الموجودة في المائدة، واللّبن، وقطع الخضروات والفواكه الطريّة المطبوخة والموجودة في المائدة، ويُمكن أيضاً أن يتمّ تدريجيّاً إدخال اللحوم والدجاج والأسماك والبيض والجبن والبقوليّات المهروسة المقطّعة والمفرومة جيّداً.[?]
الأطعمة المناسبة في عمر 10-12 شهر
يجب أن يتم في هذه المرحلة إدخال الخبز والحبوب من المائدة بالإضافة إلى الحبوب المخصّصة للأطفال، والفواكه، والخضروات الطريّة أو المطبوخة، واللحوم والدواجن والأسماك المفرومة أو المقطعة إلى قطعٍ صغيرة جداً، والبقوليّات المهروسة.[?]
الأطعمة المناسبة في عمر سنة
في عمر السنة الواحدة يمكن الاعتماد على الحليب البقريّ كامل الدّسم كمصدرٍ رئيسيّ لغالبيّة العناصر الغذائيّة التي يحتاجها الطّفل، ويكفي حصول الطّفل على كوبين إلى ثلاثة أكواب ونصف يوميّاً من الحليب البقريّ؛ حيث إنّ تناول كمّيات أكبر من ذلك قد يحتلّ مكان مصادر الحديد في تغذية الطّفل مما يمكن أن يُسبّب فقر الدم المتعلّق بالحليب، ويجب أيضاً إطعام الطفل اللحوم، والحبوب المدعّمة بالحديد، والخبز المدعم أو خبز الحبوب الكاملة، والخضروات، والفواكه، مع الحرص على التّنويع، كما أنّ الطّفل يجب أن يشرب السّوائل بالكوب في هذه المرحلة.
الأغذية التي يجب إزالتها من حمية الطّفل
يجب أن يتمّ تجنّب الأغذية عالية المحتوى بالسّكريات المركزة، والتي تشمل أيضاً الحلوى المخصّصة للأطفال الرضع؛ حيث إنّ هذه الأغذية تمنح سعرات حرايّة فارغة، أي إنّها لا تمنح الطّفل عناصر غذائيّة مفيدة لصحّته، كما أنّها يمكن أن تُسبّب السُّمنة، كما يجب الحدّ من الأغذية المحتوية على السوربيتول (بالإنجليزيّة: Sorbitol) لما يمكن أن تُسبّبه من الإسهال، وتُعتبر الخضروات المعلّبة غير مناسبة أيضاً للأطفال بسبب محتواها العالي من الصوديوم، ويجبُ أيضاً تجنّب إطعام الطّفل الرّضيع العسل وشراب الذرة لتجنّب خطر التسمّم السُّجقي (بالإنجليزيّة: Botulism).[?]
يجب أيضاً تجنّب إعطاء الطّفل أيٍّ من الأغذية التي لا يمكنه مضغها وبلعها بأمان، والّتي يُمكن أن تُعرّض الطّفل لخطر الاختناق، مثل الجزر غير المطبوخ، والكرز، والعلكة، والحلوى الصّلبة أو الجيلاتينيّة، والمارشميلو، وشرائح النّقانق، والمكسّرات، وزبدة الفول السوداني، البُشار، والكرفس غير المطبوخ، والبقوليّات الكاملة، والعنب الكامل.[?]