تميّزت الأمّة الإسلاميّة عن غيرها من الأمم بالطّهارة و النّظافة ، فحين أغفلت الأمم هذا الموضوع و أهملت فيه عني الإسلام به عنايةً خاصةً لما في الطّهارة من إحياءٍ للنّفس و البدن و تزكيةً لها ، و قد مدح الله سبحانه الأنصار حيث كانوا يستخدمون الماء في استنجائهم قائلاً سبحانه عنهم في محكم التّنزيل ( فيه رجالٌ يحبّون أن يتطهّروا و الله يحبّ المتطهرين ) ، فالله سبحانه يحبّ من عباده النّظيف المتطهر و يثيبه على ذلك ، و إنّ الوضوء هو جزءٌ من الطّهارة و هو شرطٌ لصحّة الصّلاة فلا صلاة مقبولةٌ بغير وضوء ، و كذلك مسّ المصحف لا يجوز إلا لمن كان طاهراً متوضّئاً .
و قد حدّثني أحد المغتربين في بلاد الغرب أنّه حين همّ بالصّلاة و أراد أن يتوضّأ ، رآه أحد الأجانب و هو يقوم بغسل رجله على المغسلة فنهاه عن ذلك و زجره متعلّلا بأنّ رجليه متّسختان و لا يجوز وضعهما على المغسلة ، فما كان من المسلم الطّاهر بعقيدته و بدنه إلا أن ردّ عليه بأنّه يقوم بغسل رجليه بالماء كلّ يومٍ خمس مراتٍ فهل يبقى من درنهما شيء ، فأفحمه المسلم و أسكته ، فالمسلم طاهرٌ في كلّ أحواله و هو طاهرٌ في عقيدته حيث الدّين الخالص و التّوحيد الخالي من الشّرك .
و إنّ للوضوء أحكامٌ و نواقض ، فمن نواقض الوضوء خروج ريحٍ أو صوتٍ أو غائطٍ من أحد السبيلين ، و كذلك من نواقض الوضوء عند الحنفية و الحنابلة خروج الدم الكثير أو القيء الكثير و هذا الرأي مرجوح بقولٍ أقوى منه و هو أنّ ذلك ليس منقضاً للوضوء لأنّ الصحابة في المعارك كانوا يصلّون و أجسادهم تملؤها الدماء و لا يتوضّئون أو يتيمّمون ، و من نواقض الوضوء النّوم العميق فكما بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم بأنّ النّوم هو وكاء السه فمن نام نوماً عميقاً وجب عليه الوضوء للصّلاة ، و من نواقض الوضوء المختلف عليها ملامسة النّساء و إن تحدّث بعض العلماء أنّ الملامسة هنا كنّيت عن الجماع ، و كذلك غسل الميت فمن غسل ميتاً وجب عليه إعادة وضوئه ، و من أكل من لحوم الإبل ، و حين يرتدّ المسلم عن دينه .