نفس الإنسان تطمح دائماً إلى الوصول إلى الأشياء التي ترغبها، وهذه الأمور ربما تكون من الأمور الطيبة وربما تكون من الأمور السيئة، وهي من أكبر مصادر التأثير ونتائج على الإنسان وعلى تصرفاته وعلى أخلاقه وعلى كل شيء فيه، فإن كانت قد أمرته بما هو خير فإنه سيسعد في النهاية، أما إن كانت نفسه قد أمرته بتعرف ما هو شر، فإنه سيتعس في النهاية إن طاوعها وفعل ما تأمره به وتوسوس له به، ومن هنا كان لزاماً على الإنسان أن يكبح جماح نفسه وأن لا يطيعها في المعاصي والأخطاء والأعمال القبيحة. ولنعلم جيداً أن الله – عز وجل – بحكمته وعدله لا يحاسب إلا على ما صدر من أفعال على أرض الواقع، فهو لا يحاسب على ما توسوس النفس به للإنسان.
وسوسة النفس أمر طبيعي جداً ما دامت لم تتحول إلى أفعال تطبق على أرض الواقع، لها فمقاومة وسوسة النفس تكون بعدم فعل ما تأمرنا به من شرور، ولفعل ذلك فهناك عدة أمور يتوجب مراعاتها وهي أمور قد تساعد على مقاومة رغبات النفس المذمومة والاستماع إلى الصوت المحمود فقط فيها.
أول هذه الأمور أن يحكم الإنسان ضميره في كل ما سيصدر منه من أفعال وأعمال، حتى وإن حصل على الإباحة الدينية أو المجتمعية، فإن خالف ضميره الحي هذا التوجه وأصدر اشمئزازاً من هذا الفعل فيتوجب التوقف الفوري عن فعله، فلقد علمان الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن نستفتي قلوبنا حتى وإن أفتانا الناس. كما ويجب على المؤمن أن يضع رضا الله نصب عينينه وأن لا يلتفت إلى أي أمر آخر سواء كان وسوسة من نفسه أم وسوسة من الشيطان أم وسوسة من الناس، فالله تعالى أولى وأحق بالاتباع، ولقد بين لنا الله تعالى الحلال من الحرام فيما لا يدع مجالاً للشك، والحرام قليل وسهل التخلص منه إن أراد الإنسان ذلك فالحرام محصور بالمحرمات من الأخلاق كالغش والكذب والخداع، إضافة إلى تحريم القتل والربا والزنا والسرقة وبعض الأمور الأخرى التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة في عددها، ومن هنا فيسر الدين كبير جداً، وهذا واضح جلي من عدد الأمور المباحة إذا ما قارناها بعدد الأمور المحرمة، فالأصل في الأمور الإباحة وليس التحريم وذلك تسهيلاً على الناس وراحة لهم، ويمكن تجاوزه بإرادة وتقوى لله، فبمجرد أن ينوي الإنسان ابتعاده عن الخطيئة سيعصمه الله تعالى منها، فالله يحب عباده أكثر من محبتهم لنفوسهم.