)ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين (المنافقون/ 8). )ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيِّبات وفضَّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلاً (الإسراء/ 70).
وبالتالي، فإنّ على الإنسان أن يشعر بالفخر والإعتزاز لأنّه خلق الله، العظيم المتعال، ذو العزّة والجبروت، وفي ذلك نقرأ في الدُّعاء: "إلهي كفى لي عزّاً أن أكون لك عبداً وكفى بي فخراً أن تكون لي ربّاً".
والطيِّبات، وحُري بهذا الخليفة، ممثل الله ووكيله، أن يشعر بالفخر والإعتزاز، لأنّه متصل بأعلى سلطة وأعز قوّة. وكلّما كان الإنسان "إلهياً" في سلوكه، كان أقرب إلىالله وأعز وأكرم في ذاته، وأطهر وأطيب في سلوكه.. لأنّه يحاول أن يتخلّق بأخلاقالله ويتأطّر بجماله وكماله.. إنّه يقترب من إسم الرحيم فيكون رحيماً، والعليم فيكون عالماً، والعدل ليكون عادلاً، واللطيف ليصبح لطيفاً... وبهذا السلوك القويم، يكون الإنسان مقبولاً، بل محبوباً من قبل الآخرين فلا يشعر بالإهانة أو الذل، بل يمتلأ عزّاً وثقة بنفسه، وذلك لأن سلوكه جميلاً ومنهجه لطيفاً وتعامله مع الناس رقيقاً وودوداً، لا يريد لهم إلا الخير، فيُلجأهم بذلك إلى التعامل – غالباً – بالخير. يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". ويقول الإمام علي رضي الله عنه: "إنزع الشرّ من غيرك بنزعه من نفسك".
وهذه علامات و دلائل ذهبيّة توجه سلوك الإنسان نحو بوصلة الحب والخير والحق والعدل، التي تلتقي عندها كل القلوب الخيِّرة، على اختلاف مشاربها.. وهذا هو جوهر الدين "وهل الدين إلاّ الحب"؟ و"الدين المعاملة" كما جاء في المأثور، والقاعدة "عامل الناس بما تحبّ أن يعاملوك به". )إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرَّحمن وُدّاً( (مريم/ 96).
ومن الطبيعي، وكما قيل، من "أنّ الطيور على أشكالها تقع"، فإنّ هذا الإنسان سيصاحب الناس الطيِّبين والمحترمين، وسيبتعد ويبتعد عنه الناس التفهاء والمنحطين، الذين يحتقرون أنفسهم ويحتقرون غيرهم، فلا يسمع من حوله إلاّ الكلام الطيِّب، ولا يعاشر إلاّ مَن عشرتهم راحة ومرافقتهم غنيمة، وسيبتعد بدوره عن كل كلام بذيء أو معاملة حقيرة، وهذا ما سيزيده عزّاً وكرامة. وأخيراً، فإنّ الإنسان المؤمن عندما ينظر إلى آخر الطريق، فيجد مكانه في )مقعد صدق عند مليك مقتدر( (القمر/ 55)، )مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً( (النِّساء/ 69).
عندها يعلم المؤمن أنّ نهايته الفوز والسعادة الأبدية وأن وليّه الله، وهو نعم المولى ونعم الوكيل. عندما يحسّ المؤمن بذلك، يمتلأ عزّاً وكرامة ويفيض سعادة وراحة، إذ لا يكتب له بكل خطوة في هذا الطريق إلاّ طاعة وعبادة وثوباً ومغفرة بسم الله الرحمن الرحيم )إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريّة( (البيِّنة/ 7). على عكس الذين كفروا والذين ظلموا بسم الله الرحمن الرحيم: ) لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم( (المائدة/ 33).
وهكذا يكون الإيمان مصدراً أساسياً للشعور بالعزّة والكرامة والفخر والرِّضا.. وبالتالي، الشعور بالسعادة.