تصنع المخاوف في نفس الإنسان حالةً من السّلبيّة والرّهبة والعجز عن أداء أنشطة الحياة بالصّورة الصّحيحة، لذلك تكون صورة الخائف دائماً بشكل رجلٍ يرتجف بدنه أو ترتعش يداه، ولا شكّ بأنّ هناك عددٌ من المخاوف يشترك فيها كثيرٌ من النّاس وهي مخاوف عاديّة وغير مرضيّة، ومنها الخوف من الموت، أو الخوف حين الوقوف على ربوةٍ مرتفعةٍ أو مبنى شاهق، وهناك خوفٌ مندوب يثاب عليه صاحبه، وقد يعبّر عنه أحياناً بالخشية من الله تعالى، وهذا النّوع من الخوف والخشية يعتبر من علامات و دلائل طرق ووصفات المؤمنين المتّقين، ولكن الخوف الذي قد يتحوّل إلى حالةٍ مرضيّة تأثّر على حياة الإنسان ونشاطاته هو ما ينبغي على الإنسان أن يبتعد عنه ويقهره بكلّ ما أوتي من قوّة، ومن أمثلة هذا الخوف، الخوف من الإختلاط مع النّاس والرّهبة منهم، أو الخوف من الإقدام على الأعمال المختلفة بحجّة الخوف من الفشل فيها، وغير ذلك من صور الخوف التي تشكّل جانباً سلبيّاً في حياة الإنسان وعليه حتى يكون فرداً إيجابيّاً نافعاً لنفسه ومجتمعه أن يتخلص منها، وهناك عددٌ من الوسائل تعيين الإنسان على البعد عن الخوف، نذكر منها :
- الإيمان، فحين يكون الإنسان مؤمناً بربّه، موقناً بأنّ مصيره بين يديه سبحانه، وأنّ الخلائق جميعها ومهما اجتمعت وتوحّدت فإنّها لن تضره بشيءٍ إلا ما كتبه الله تعالى عليه، وإن استشعار معيّة الله تعالى للإنسان ممّا يذهب الخوف في قلوب النّاس.
- وعلى من يرغب بأن يبعد الخوف عن نفسه أن يمرّنها على القوّة ومواجهة التّحدّيات المختلفة باقتحام المصاعب والعقبات، ذلك بأنّ النّفس إن عوّدتها على أن تواجه مخاوفها بكلّ قوّةٍ وعزيمة، كلّما تمرّنت على ذلك ووجدت كلّ أمرٍ بعد ذلك أهون ممّا سبقه، وإنّ الجبن عن ملاقاة المخاوف والاستسلام لها ممّا يورّث في القلب الضّعف والوهن.
- وأخيراً بأنّ يعزّز الإنسان ثقته بنفسه، فالنّفس الواثقة بقدراتها هي النّفس الأقدر على مواجهة التّحديات والمخاوف، وعلى النّقيض من ذلك يستولي الخوف على نفوس الضّعفاء الذين لا يثقون بأنفسهم، كما ينبغي على الإنسان الواثق أن يسلح نفسه دائماً بالمعرفة والعلم فهي تقوّي من شخصيّته وتجعله أكثر ثقةً في مواجهة مخاوف الحياة وتجاوز عقباتها، وأيضاً تجعله يواجه المواقف المختلفة في حياته بجرأةٍ أكبر ليقينه أنّه سوف يتجاوزها .