لقد بعث الله عز وجل الأنبياء للبشر داعين إلى الله عز وجل وإلى الصراط المستقيم، ليعيد الناس إلى فطرتهم التي فطر الناس عليها والتي تتلوث بعد التفاعل في الحياة ونتيجة للمجتمعات المظلمة التي يعيش فيها الإنسان ولوساوس الشيطان، فقام الأنبياء بحمل الرسالات إلى أقوامهم وقاموا بدعوتهم بالحُسنى داعين ومبشرين إلى الله عز وجل، ولكن ولكي يؤمن الأقوام بالأنبياء والرسل الذين بعثهم الله عز وجل قام الله عز وجل بتأييدهم بالمعجزات الواضحات على صدق رسالتهم لكي يقيموا الحجة على الأقوام الذين بُعثوا إليهم، فكانت من المعجزات ما يؤيد الله عزّ وجلّ بها الإنسان ليؤيد الأقوام ومنها ما أيّد بها الله عزّ وجلّ الأنبياء والرسل ليعذب الأقوام الذين كفروا بالله بعد الدعوة الطويلة من الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه.
ومن الأنبياء الذين صبروا صبراً طويلاً على الدعوة والذين قاموا بدعاء أقوامهم بالحسنى والموعظة الحسنة هو نبي الله نوح عليه السلام الذي قام بدعوة قومه إلى الإيمان بالله تعالى ل950 عاماً وهو يحتسب ذلك عند الله تعالى ويصبر على أذى قومه ويتحمّل عذابهم واستهزاءهم به عليه السلام فهو عليه السلام من أولي العزم الخمسة من الرسل إلى جانب سيدنا محمد وإبراهيم وعيسى وموسى عليهم السلام، وبعد انقطاع الأمل منهم أمر الله عزّ وجلّ نوحاً عليه السلام بأن يقوم ببناء سفينة يحمل عليها جميع من آمن من الناس وأهله إلّا من كفر منهم، وأمره الله عزّ وجلّ أن يقوم بحمل زوجين من كل جنس من الأجناس الموجودة على الأرض، فقام عليه السلام ببناء هذه السفينة كما أمره الله تعالى وحمل على هذه السفينة ما أمره الله عز وجل به ليبدأ الحياة من جديد.
وأمر الله عزّ وجلّ نوحاً عليه السلام بذلك لأنّه سيبعث الطوفان الذي يعمّ الأرض بأكملها وسيهلك به جميع من كفروا بالله عز وجل وبنوحٍ عليه السلام ومن آذوه خلال دعوته لهم التي استمرت فترةً طويلة جداً وهو صابرٌ عليهم، فكانت هذه كبدايةٍ لحياةٍ جديدةٍ بدأها نوحٌ عليه السلام وذريته بعد الحياة التي ابتدأها آدم عليه السلام، وبعد انتهاء الطوفان أمر الله عز وجل الأرض بأن تبتلع الماء والسماء أن تُقلع عن المطر، واستوت السفينة على الجودي لتبقى آية للبشر جميعاً على صدق نبوة نوحٍ عليه السلام الذي ترجع إليه ذرية البشر جميعاً قبل سيدنا آدم عليه السلام، وقام الباحثون والمفسرون بمحاولة تحديد مكان السفينة وجلّ المفسرين ذهبوا إلى أنّه جبل يوجد في ناحية الموصل كما توجد بعض صور الأقمار الصناعية التي بينت مكان سفينة نوحٍ عليه السلام.