خلق آدم
ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قصّة خلق آدم عليه السّلام، فقد شاء ربّ العزّة سبحانه أن يخلق بشرًا من طين وأن ينفخ فيه من رّوحه حتّى إذا اكتمل خلقه أمر الله تعالى الملائكة بالسّجود له تكريمًا لشأنه وتعظيمًا، وقد كان ما كان من استكبار إبليس عليه لعنة الله عن الاستجابة لأمر الله والسّجود لآدم، ثمّ أمر الله آدم عليه السّلام أن يدخل الجنّة لكي يتنعّم فيها فلا يجوع ولا يعرى، وقد نهاه الله عن أمرٍ واحد وهو الأكل من شجرة معيّنة، وعندما علم الشّيطان ما نهي آدم عن أكله بدأ يوسوس له ويأتيه من بين يديه ومن خلفه يمنّيه بالأماني الكبار ومن تلك الأماني الخادعة أنّه لو أكل من هذه الشّجرة نال الخلد والنّعيم الدّائم، وظلّ إبليس يوسوس لآدم وزوجه حتّى أكلا من الشّجرة، وعندما عصوا ربّهما بدت سوءاتهما حيث سارعا ليضعا عليها من ورق الجنّة ليسترا أنفسهما، وعند ذلك أدرك آدم وزوجه أنّهما عصيا الله فتابا من ذلك واستغفرا ربّهما فغفر لهما ذلك وأنزلها من الجنّة إلى الأرض لتبدأ بعد ذلك المرحلة الثّانية من حياة آدم وزوجه.
قد كان نزول آدم عليه السّلام بأمر الله تعالى لتحقيق سنّة الاستخلاف في الأرض، فقد خاطب الله تعالى الملائكة من قبل بعزمه جعل خليفةٍ في الأرض وكيف علّمه الله تعالى الأسماء كلّها حتّى تفوّق علمه على علم الملائكة التي أقرّت بعد ذلك بافتقارها إلى الله تعالى بقولها سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا، وبعد نزول آدم عليه السّلام وزوجه إلى الأرض بدآ بتعميرها وإصلاحها وحملت حواء من آدم عليه السّلام وولدت له هابيل وقابيل وغيرهم من الأولاد والذّريّة الذين تناسلوا بدورهم وأدّوا رسالتهم في تعمير الأرض وإصلاحها .
مكان نزول آدم
لقد ذكرت روايات عن بني إسرائيل في المكان الذي نزل إليه آدم في الأرض فقيل أنّه نزل بأرض الهند وأنّ حواء نزلت بأرض قرب مكّة ويقال أنّها جدّة، وأنّهما التقيا في مكانٍ في مكّة تعارفا فيه حتّى سمي هذا المكان بعرفات، والحقيقة أنّه لا يصحّ أيّ خبرٍ من هذه الأخبار ولم يرد عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ذكر للمكان الذي نزلوا فيه ولا فائدة ترتجى من ذلك، فالعبرة والموعظة من قصّة آدم عليه السّلام مما حصل له ومعه منذ ابتداء خلقه وامتحان الله تعالى له في الجنّة ثمّ غفران ذنبه وتوبته ونزوله إلى الأرض وهذا هو مقصد الشّرع الحكيم في ذكر قصص السّابقين.