فترة الطفولة هي فترة البناء الحقيقي والأساسي لشخصية الفرد، وإن تربية الطفل هي أهم مرحلة في مراحل التربية؛ لأنها مرحلة زرع البذور، وتتضمن عملية التربية كثير من الأشياء: أن يكون الطفل قادر على الانخراط في المجتمع من حوله، وأن يكون الطفل ذا شخصية مستقلة مميزة لها صفاتها الخاصة، وأن يكون الطفل ذا مواهب وقدرات يجب تنميتها وتطويرها.
للأسف إن تربية الأطفال في الأوساط العربية بشكل خاص تأخذ شكلاً تقليدياً، يُفقد الأطفال قدراتهم الحقيقة ومواهبهم، التي من المفترض أن تتم تنميتها منذ نعومة أظافرهم، ويرجع هذا السبب لازدياد عدد الأطفال في الأسرة الواحدة ، وقد تكون الأم عاملة أو غير عاملة، فهي لا تعطي لأبنائها حق كامل في اكتشاف ذواتهم، وكذلك الوالد لا يشارك في عملية تربية أبنائه، وهذه التربية الخطأ إما لضعف مهارات الوالدين في التربية، ونقص الخبرة العلمية الصحيحة لتربية الأطفال، وتنمية قدراتهم، واكتشاف مهاراتهم، أو لوجود بعض الخبرة، لكن دواعي وحجة عدم وجود وقت للتفرغ لمثل هذه الأمور للأبناء، واعتبار أن مثل هذه الأشياء هي ثانوية، وليست من الأمور الأساسية لتربية الطفل.
يجب أن يعطى كل طفل وقت كافي للتعامل معه، وهذا الجانب يجعل من الوالدين قادرين على اكتشاف الأشياء التي يحبها طفلهم، نوع الألعاب، وأكثر الألوان التي يتنجذب إليها، ربما نوع الموسيقى التي ينجذب إليها، وكثير من الأشياء التي لا يستطيع الوالدين معرفتها وتحديدها بشكل أكيد أنها تميز طفلهم، إلا إذا قضوا معهم وقت كافي، وهذا الوقت أيضاً يُكسب الطفل شخصية، ويشعر بالاهتمام، ويبدأ لا شعورياً بتكوين نفسه، دون أن يفكر بقدراته العقلية والإدارية، ولكن بالفطرة وبمعاونة والديه.
طبعا نركز هنا على الوالدين كبذرة أساسية لتربية الأبناء الأطفال، لأن الطفل ما قبل الروضة يبدأ بالكلام والتعبير عن نفسه، واختيار ألعابه، فهو في هذا العمر تبدأ شخصيته بالتمحور، وبعدها يتم صقلها على ما تربى عليه في المنزل، فتكون الروضة والمدرسة مكملة لما تم تربيته عليه.
كيف يتم اكتشاف قدرات ومهارات الطفل؟
ربما لو وجّه هذا السؤال لفئة شابة لأجاب البعض عن مواهبهم وميولهم، والأشياء التي مع التمرين أصبحوا يجيدونها، ويستطيع الأهل أن يجيبوا عن مواهب أبنائهم بكل بساطة، فهذا يحب الشعر، وهذا صوته جميل في الغناء وهكذا، لكن الأمر مختلفٌ بالنسبة للأطفال، فعلى الوالدين اكتشاف مهارات الطفل وقدرته العقلية، لذا عليهم المتابعة دوماً والمراقبة للطفل، وتحليل مواقفهم وردود أفعالهم.
تكمن تنمية مهارات الأطفال في المهارات الحركية والإدراكية واللغوية، ويتم تنميتها بعدة أنشطة تمارسها الأم مع طفلها، كأن يعد المشابك مثلاً، ويميز ألوانها، ومسك المشبك بأصبعيه . تنمية حاسة اللمس بعرض عدة خامات من الأقمشة أو الصناديق عليه، ويميز بين الناعم والخشن منها، ثم الربط بين أكثر من مهاراة مثلا صندوق أحمر ناعم وصندوق أسود خشن، وهنا يتم قياس مدى قدرة الطفل على عملية الربط وإدراك فروقات الأشياء.
لتكن هذه الأشياء من باب اللعب مع الطفل، حيث يقوم بها بكامل إرادته وهو مستمتع، ولكل أم القدرة على استخدام عدة طرق ووسائل لاكتشاف مواهب أطفالها، كان تجمعهم وتطلب من كل واحد منهم أن يقلد طفل يغني، أو أن تضع لهم لوحة كبيرة ليرسموا عليها، وكثيرة هي الجوانب التي بالإمكان اكتشاف مهارات الأطفال من خلالها، فهل يميل الطفل لها أو لمهارة أخرى ؟
فليعطي كل والدين الحق والوقت الكامل لأبنائهم؛ لمعرفة مهاراتهم، واكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم.