نزار قباني تناقضات قلبي
إن قصيدة تناقضات قلبي للشاعر العظيم الخالد نزار قباني ستظل جوهرة مضافة إلى باقي جواهر قصائده إلى الأبد ، انه عالم نزاري تستطيع تقليده ولكن سرعان ما يبان الأصل النزاري من بعيد الذي لا يستطيع أن يضاهي روعته أحد .
ما بين حب , وحب ..
أحبكِ أنتِ
وما بين واحدة ودعتني
وواحدة سوف تأتي
أفتش عنكِ هنا وهناك
كأن الزمان الوحيد..زمانكِ انتِ
كأن جميع الوعود
تصب بعينيكِ أنتِ
فكيف أفسر هذا الشعور
الذى يعترينى صباح مساء
وكيف تمرين بالبال مثل الحمامة ؟
حين أكون بحضرة أحلى النساء
وما بين وعدين ....
وامرأتين ....
وبين قطار يجىء ....
وآخر يمضي ...
هنالك خمس دقائق
أدعوكِ فيها لفنجان شاي ....
قبل السفر..
هنالك خمس دقائق
بها أطمئن عليكِ قليلا
وأشكو اليكِ همومي قليلا
واشتم فيها الزمان قليلا
هنالك خمس دقائق..
بها تقلبين حياتي قليلا
فماذا تسمين هذا التشتت ؟
هذا التمزق ؟
هذا العذاب الطويلا .... الطويلا ؟
وكيف تصبح وتكون الخيانة حلا ؟
وكيف يكون النفاق جميلا ؟
وبين كلام الهوى في جميع اللغات..
هناك كلام يُقال..لأجلكِ انتِ
وشِعر سيربطه الدارسون
بعصركِ أنت
وما بين وقت النبيذ ووقت الكتابة ..
يوجد وقت يكون به البحر ممتلئا بالسنابل
وما بين نقطة حبر..ونقطة حبر
هنالك وقت...ننام معا فيه
بين الفواصل
وما بين فصل الخريف ..وفصل الشتاء
هنالك فصل ..اسميه فصل البكاء..
تكون به النفس... اقرب من اي وقت مضى للسماء
وفي اللحظات التي تتشابه فيها جميع النساء
كما تتشابه كل الحروف على الآلة الكاتبة
وفي اللحظات التي لا مواقف فيها
لا عشق ...
لا كره ....
لا برق ...
لا رعد ...
لا شعر ..
لا نثر ....
لا شيء فيها
أسافر خلفكِ
أدخل كل المطارات..أسأل كل الفنادق عنكِ
فقد يتصادف أنكِ فيها
وفي لحظات القنوط
الهبوط ....
السقوط ...
الفراغ ....
الخواء ....
وفي لحظات انتحار الأماني
وموت الرجاء
وفي لحظات التناقض
حين تصير الحبيبات ..والحب ضدي
وتصبح فيها القصائد ضدي
وتصبح حتى النهود التي
بايعتنى على العرش ضدي
وفي اللحظات التي
أتسكع فيها ..
على طرق ووسائل الحزن وحدي
أفكر فيكِ لبضع ثوان
فتغدو حياتي .... حديقة ورد
وفي اللحظات القليلة
حين يفاجأني الشعر.. دون انتظار
وتصبح فيها الدقائق..حبلى بألف انفجار
وتصبح فيها الكتابة.. فعل خلاص..
وفعل انتحار
تطيرين مثل الفراشة
بين الدفاتر والاصبعين
فكيف أقاتل خمسين عاما
على جبهتين ؟
وكيف أبعثر لحمي
على قارتين ؟
وكيف أجامل غيركِ ؟
وكيف أجالس غيركِ ؟
وأنتِ مسافرة
في عروق اليدين وبين الجميلات
من كل جنس ولون
وبين مئات الوجوه التي اقنعتني ..وما اقنعتني
وما بين جرح أفتش عنه ..
وجرح يفتش عني
أفكر في عصركِ الذهبي
وعصر المانوليا..
عصر الشموع ..
عصر البخور
وأحلم بعصركِ الذي كان ..
أعظم من كل العصور
فماذا تسمين هذا الشعور ؟
وكيف أفسر هذا الحضور الغياب ؟
وهذا الغياب الحضور ؟
وكيف أكون هنا ؟
وأكون هناك ؟
وكيف يريدوني أن أراهم ؟
وليس على الأرض
أنثى سواكِ .. ؟
أحبكِ ...
أحبكِ حين أكون حبيب سواكِ
وأشرب نخبكِ
حين تصاحبني امرأة للعشاء
ويعثر دوما لساني..فأهتف باسمكِ..
حين أنادي عليها
وأشغل نفسى خلال الطعام..
بدرس التشابه بين خطوط يديكِ
وبين خطوط يديها
وأشعر أني أقوم بدور المهرج
حين أركز شال الحرير على كتفيها
وأشعر أني أخون الحقيقة
حين أقارن بين حنيني اليكِ ,
وبين حنيني اليها
فماذا تسمين هذا ؟
ازدواجا ؟
سقوطا ؟
هروبا ؟
شذوذا ؟
جنونا ؟
وكيف أكون لديكِ ؟!
وأزعم أني لديها ؟!