رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة التي كانت وما تزال نبراسا مضيئا لنا في كل أعمالنا وعموم أحوالنا ، فهو صلى الله عليه وسلم لم يكن بملك ذو جنود وحراس ، وأبواب حوله موصدة تغلق أمام الزائرين ، أو تقف حائلا بينه وبين البشر ، بل كان عبدا لله رسولا بالحق من عنده ، وكان رحمة للبشرية وهاديا لهم في كل شأن من شوؤن حياتهم ، لذا فعلى كل مسلم أن يتعلم طريقة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي يومه ، وبالتالي يقتدي ببرنامجه الذي يشمل الدين والدنيا ، فهو صلى الله عليه وسلم لم يكن يوما معطلا لحياة الناس وشؤونهم ، بل راعيا لهم بحق وصدق .
إذا اعتبرنا أن يوم الإنسان يبدأ من طلوع الفجر ، وهذا هو بداية اليوم ، فهو صلى الله عليه وسلم كان يقوم للصلاة بعد أن يسمع الآذان من بلال رضي الله عنه وأرضاه ، فيكون متوضئا من قيام الليل أو يتوضأ ، فيصلي ركعتي الصبح ، ثم ينطلق إلى المسجد ، فيصلي بالناس الفجر ، ويجلس بعدها يحدثهم ، ويتدارس شؤونهم، ويذكر الله حتى تطلع الشمس ، ويصلي بعدها ، حتى إذا فرغ من الصلاة انطلق الى بيته ، وكان في خدمة أهل بيته ، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتعالى على أحد، وإنما كان هو التواضع بعينه ، فالأخلاق هي التي ازدانت برسول الله صلى الله عليه وسلم وليس العكس ، حيث أنه كان عليه الصلاة والسلام يحلب شاته ، ويرقع ثوبه ، ويخصف نعله ، ويقوم على قضاء حوائج أهل بيته ، حتى إذا نودي للصلاة خرج إليها ليؤم الناس ، وكان عليه الصلاة والسلام يجلس بعد الصلاة فيستغفر الله ويسبحه ، وكان عليه الصلاة والسلام يستغفر الله في المجلس الواحد دون الصلاة أكثر من سبعين مرة، وكان عليه الصلاة والسلام يقضي بين الناس ، فيضرب على يد الظالم ، ويقوم إعوجاجه ، وينصر المظلوم ، وكان يتفقد الناس في أسواقهم وبيوعهم وتجارتهم ، يسلم على من مر به ، لا يعبس في وجه أحد أبدا ، يمشي في قضاء حوائج الناس الكبير والصغير والأرملة والمسكين.
وكان عليه الصلاة والسلام ينام بعد الظهيرة ، ويقيل شيئا يسيرا ، لقوله صلى الله عليه وسلم (( قيلوا فإن الشياطين لا تقيل )) ،أما طعامه عليه الصلاة والسلام فلم يكن طعاما خاصا ، وربما مرت الشهور على بيت النبوة لم توقد فيها النار ، ولم يطبخ فيها طعام ، وإنما كان طعامهم التمر والماء ، وكان صلى الله عليه وسلم لا يدخل الطعام على الطعام ، ولا يأكل حتى يشبع ؛ وإنما سنته أن يأكل الثلث ويدع لشرابه ولنفسه الثلثين ، وهذا من تمام صحة الجسد ، فإن المعدة بيت الداء، وسقمها يكون بكثرة طعامه وادخال الطعام على الطعام .
كان صلى الله عليه وسلم اذا صلى العشاء انطلق إلى بيته، وسامر أهله ، وأحيانا كان يزور أبا بكر الصديق رضي الله عنه في بيته يقضي بعضا من وقته ، وإذا عاد إلى بيته ، ومع إحدى زوجاته ونام عندها ؛ استيقظ في الثلث الأخير من الليل فقام الليل وكان يقومه بإحدى عشرة ركعة ، ويتفكر في خلق الله ، ويخضع في صلاته في جنح الليل بين يدي ربه عبدا ، رسولا ، نبيا ، مكرما صلى الله عليه وسلم ، فكهذا كان صلى الله عليه وسلم يقضي يومه في برنامج ايماني ديني ، وفيه من قضاء مصالح الدنيا ، نعم كان صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تنظيم اليوم في أعمال الخير، والنفع العام والخاص ، ورعاية شوؤن الدين والدنيا ، صلى الله عليه وسلم .