الإسلام
جاء الإسلام ليُخرِج النَّاس من الظُّلمات إلى النور، وقد دعا إلى محاسِن الأخلاق وأفضِلها، بل كان الحلّ لِجَميعِ المَشاكِل التي يواجهها الناس على مرّ العُصور والأزمِنة، ولم يَكن أبداً دينَ الحرب، والدَّمار، والقتل، والظّلم كما يُحاوِل بعضُ المُغرِضين أنّ يُشوِّهوا صورته، ومن أبرز الأخلاق التي تَخصُّ الإسلام: الرحمة.
الإسلام دين الرَّحمة
الرَّحمة هي الرِّفق، واللِّين، والعطف، والرَّأفة، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلّم - يدعو النّاس بالرِّفق، واللِّين، وقد كان حنوناً جداً، ولم يكن يُجبِرُ أحداً على الدُّخول في الدين، بل كان يُخاطِب العُقول بالحكمة لإقناعها، ويستميلُ قلبَ الشّخص بعيداً عن الغِلظةِ والحقدِ والكُره؛ تنفيذاً لقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } (سورة النحل، الآية: 125)
كما أنَّ رحمة الإسلام شملت المَرضى والجَرحى؛ حيث حثَّ على زيارَة المرضى، وجعل الملائِكة تستغفر لمن يعود المريض، كما أنّه رفع الحَرَجَ عنهم في تَأدية العِبادات والطَّاعات، فأجاز للمريض الصَّلاة جالساً، والإفطار في رمضان.
كما اهتم المُسلم لأمرِ الضَّعيف منهم وتقديم المُساعدة لهم ورفع المشقَّة عنهم، ويَظهر ذاك جَلياً من خلال كلام الرّسول - صلى الله عليه وسلّم - لأصحابه، فعندما عاد الصحابة من أرض الحبشة، سألهم صلى الله عليه وسلّم عن أعجَبِ الأمور التي شاهدوها، فقالوا: قِيام فتىً بِدفع امراةٍ عجوزٍ مُسنَّةٍ تَحملُ الماء على رأسها، بعد أنْ وضع يده بين كتفيها ودفَعها، فردت عليه بأنّها سَتقتصُّ منه يوم الحِساب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلّم - لقد صدقت العجوز.
يُعتبر تحريم مال المسلم من رحمة الله تعالى بعباده؛ حيث حرّم الاعتداءُ على أموالِ الآخرين وسَلبِها بالقوّة، كما أنَّ رحمة الإسلام شملت الحرب، فقد سنَّ آداباً للحرب؛ حيث غرَس في نفسِ المُسلمين أنَّ الحرب هي للدِّفاع عن الدِّين وبناء أمةٍ قويةٍ، وليس هَدفها الاستيلاء على أموال الآخرين وهدم بيوتهم، كما أنّه حرَّم قََتل الأطفال، والنِّساء، والعابدين في صَوامِعهم، كما أنّه حرَّم قَطع الأشجار، وقَتل من لا يُقاتِلهم، بل أعطاهم حرية الدُّخول إلى الإسلام، أو دفع الجِزية مع البقاء على دينهم، وهذا المنهج الذي اتبعه المسلمون والخلفاء بعد الرسول - صلى الله عليه وسلّم - مما أدّى لِدخول الكثير من الشعوب في الإسلام.
كما أنَّ الإسلام لم يَنسَ الحيوانات من الرَّحمة؛ فحثَّ على التَّعامل الجيِّد مع الحيوانات، ومَنَع أذيتها أو إرهاقها في العمل، ودعا لِتقديم الغِذاء المُناسِب لها، فقد أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلّم - أنَّ امرأةً دخلتْ النّار في هرةٍ؛ لأنها حبَسَتها في البيت، ولم تُقدِّم لها الطَّعام، ولم تَتَركها في نَفس الوقت تَخرج لِتأكل من حشائش الأرض.