لم يأل الكافرين جهداً لمحاربة المسلمين منذ بداية الدّعوة الإسلاميّة و حتى تأسيس الدّولة الإسلاميّة في المدينة ، فقد حاولوا بشتّى الوسائل و الطّرق إخماد جذوة الدّعوة و وئدها في مهدها ، و لكن كلّ محاولاتهم باءت بالفشل بفضل الله سبحانه و تعالى ثمّ بفضل صمود المسلمين و ثباتهم على دينهم ، و قد تمكّن المسلمون من دينهم حين هاجروا إلى المدينة فأسّسوا هناك نواة الدّولة الإسلاميّة الأولى ، و قد أذن الله لهم بالقتال و محاربة الأعداء بعد أن قويت شوكتهم ، و قد تناهى لمسامع النّبي صلّى الله عليه و سلّم خبر وصول قافلةٍ لقريش محمّلة بالمال و البضائع من أرض الشّام ، و قد كان المسلمون حينئذٍ في فقرٍ شديدٍ و حاجة ، فبعد أن هاجروا من مكّة و تركوا أموالهم و أملاكهم هناك ، لم يبق لهم إلا النّذر اليسير من المال ، و قد أعانهم على العيش أخوتهم من الأنصار الذين قدّموا لهم كلّ ما يملكونه و شاركوهم في كلّ شيءٍ ، فندب النّبي عليه الصّلاة و السّلام عدداً من الصّحابة لتجسّس خبر قافلة قريش لعلّهم يستردون شيئاً من أموالهم و حقوقهم التي سلبت من كفّار قريش ظلماً و عدواناً ، و قد كان زعيم القافلة أبو سفيان بن حرب ، و عندما علم أبو سفيان بأنّ النّبي و أصحابه ينوون مهاجمة القافلة احتال في الأمر و اتجه بقافلته نحو السّاحل بعيداً لينجو بها و يصل إلى مكّة ، و عندما وصل إلى مكّة كان كفّار قريش و صناديدها غاضبين مستنفرين لأجل ذلك ، فعزموا على حشد أنفسهم و التّوجه لقتال المسلمين ، و حين علم المسلمون بنية الكفّار استنفرهم النّبي عليه الصّلاة و السّلام لذلك فخرجوا حتى تلاقوا مع القوم عند بئرٍ تسمى بدر ، فحصلت معركةٌ شديدةٌ بين المسلمين و الكافرين كان الظّفر فيها و النّصر حليفاً للمسلمين .
و قد سمّيت معركة بدر بمعركة الفرقان إذ تبيّن الحقّ و انتصر و تبيّن فيها الباطل و اندحر ، و كانت هذه المعركة من أوائل المعارك الإسلاميّة الكبرى التي سطّر فيها المسلمون أروع ملاحم البطولة و الفداء ، و قد أيّدهم الله سبحانه و تعالى بملائكةٍ من عنده خاضوا مع المسلمون هذه المعركة لتخلّد ذكراها في التّاريخ ، و لتدرّس أساليب القتال و الصّمود فيها في مدارس الغرب العسكريّة .
