غزوة مؤتة هي إحدى الغزوات التي غزاها المسلمون في عهد الرسول – صلوات الله عليه وعلى آله وسلم -، وكانت هي الأخرى كباقي الغزوات غزوة من منطلق الدفاع ليس فيها شيء من التعدّي على الآخرين.
سبب هذه المعركة المباشر أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أرسل رسوله الحارث بن عمير الأزدي إلى زعيم بصرى يدعوه فيها إلى الإسلام، فوقف في طريقه شرحبيل الغساني الذي قتله، مما يدل في وقتها على إعلان الحرب من قبل الروم وحلفائهم الغساسنة على الدولة الإسلامية، فغضب الرسول وجماعة المسلمين وجهز جيشاً مكوناً من ثلاثة آلاف مسلم، وأرسلهم للقتال.
أمَر الرسول على هذا الجيش زيد بن حارثة، فإذا استشهد خلفه جعفر بن أبي طالب، فإن استشهد خلفه عبد الله بن رواحة، فإن استشهد يختار الجيش من بينهم قائداً، وهذا فعلاً ما قد كان، فعند وصول الجيش إلى مدينة معان تفاجأوا بأن الجيش الذي سيحاربونه يصل إلى المئتي ألف مقاتل، مئة ألف من جيش الروم ومئة ألف أخرى ممن انضم إليهم وساندهم من القبائل، وبعد تشاور في مدينة معان اختار جيش المسلمين أن تكون المعركة في أرض مؤتة الطاهرة، وهذه من أذكى الحركات العسكرية، وهذا إنما يدل على فطنة المسلمين وخبرتهم العسكرية في القتال، فهم ليسوا سذج يرمون بأنفسهم إلى الخطر دون إجراء الحسابات اللازمة، فأرض مؤتة صغيرة نسبية ولا يستطيع جيش الروم أن يدخلوها دفعة واحدة، عندها سيطروا أن يدخلوها على دفعات تناسب حجم المكان، وبالتالي لن يستفيد جيش الروم من عدده الكبير المهول، بل سيضطر إلى مواجهة المسلمين بنفس عددهم.
كانت هذه المعركة معرضة ضارية، وفي المقاييس المادية فلن يتحمل المسلمون ضربتين إلى ثلاثة من الروم، ولكن على عكس كل التوقعات، فقد صمد جيش المسلمين وحاربوا ببسالة كبيرة، لم يشهد مثلها التاريخ، ومن ضراوة المعركة استشهد القادة الثلاثة الذين ولاهم رسول الله على الجيش، ثم اختار المسلمون قائدهم الرابع وهو خالد بن الوليد سيف الله المسلول، واستطاع خالد الصمود بالجيش طوال يوم المعركة، وفي الليل في الإستراحة، وضع خطة انسحاب ذكية وعبقرية، استطاع بها إيهام جيش الروم بأن هناك مدداً من المسلمين قادم إليهم وبأعداد كبيرة، مما دب الرعب فيهم وثبط من عزيمتهم، فهم لم يسلموا من هؤلاء القلة على الرغم من عددهم الخيالي، فكيف إذا أتى مدد جديد؟!!
عدد شهداء المسلمين بعد نهاية المعركة بلغ 13 شهيداً، أما عدد قتلى الروم فقد تجاوز الثلاثة آلاف قتيل، والفرق واضح لا يحتاج لإيضاحات، وسميت هذه الغزوة بهذا الاسم بسبب انها حدثت في أرض مؤتة في الكرك في الأردن.