بعد العذاب الشديد الذي تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة المكرمة بعد ثلاث عشر سنة من الدعوة إلى الإسلام السرية منها والعلنية أتى الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعطاء الإذن لإصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة بعد أخذ بيعة العقبة الثانية من أهل المدينة المنورة، فكان بعض الصحابة رضي الله عليهم وسلم يقومون بالهجرة سرا خوفا من كفار مكة والبعض الآخر يقومون بالهجرة علنا كعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد اختار للهجرة معه أبا بكر الصديق رضي الله عنه فهو الذي نصر من بداية بعثته صلى الله عليه وسلم، وفي ليلة الهجرة النبوية المشرفة أذن الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة المنورة وأعلمه بما خطط له أعداؤه فقام الرسول صلى الله عليه وسلم بجعل علي بن أبي طالب ينام في فراشه في تلك الليلة والبقاء خلفه صلى الله عليه وسلم من أجل إرجاع الأمانات إلى أصحابها.
وعندما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته ووجد فتيان قريش متجمعين على بابه، حمل حفنة من التراب وألقاها وجعل يردد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى :" فأغشيناهم فهم لا يبصرون" فلم شعر به الفتيان عند خروجه صلى الله عليه وسلم، وانطلق صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق على الراحلتين اللتين أعدهما رضي الله عنه مع دليل قاما باستئجاره إلى غار ثور.
وبعد أن علم كفار قريش بأن فتيان مكة قاما باستهداف علي بدلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا بوضع مائة ناقة لمن يأتيهم به فانطلق الكفار بحثا عنه صلى الله عليه وسلم حتى لحقا بهما إلى الغار فخاف أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن كفار قريش لو التفتوا إلى أسفل الغار لرأوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر لكن ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم باله طمأنت أبا بكر الصديق بقوله صلى الله عليه وسلم له: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، فأبعد الله عز وجل أنظار كفار قريش عنهما.
وقام الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه بالإقامة في غار ثور ثلاثة ليال وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما في كل يوم بالطعام وبأخبار قريش وقد كان عبد الله بن أبي بكر غلامه بأن يرعى أغنامه قدوما إلى الغار حتى يخفي آثار أقدامها رضي الله عنها وانطلق بعدها الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر إلى المدينة حتى وصلا إليها بعد مكوثهما بقباء بضع ليال وبناء مسجد قباء هنالك.
