مقدمة
غزوة تبوك هي آخر الغزوات التي شارك بها النبي-صلى الله عليه وسلم-ووقعت هذه المعركة في شهر رجب في العام التاسع الهجري بعد ستة أشهر من حصار الطائف، ونتجت عن رغبة الرومان في إنهاء القوة الإسلامية في البلاد آنذاك وحشدوا لذلك ما يقارب أربعين ألف جندي روماني، مقابل ثلاثين ألفاً من جيش المسلمين، لكن هذه الغزوة لم تسفر عن قتال أو ضحايا لأن الجيش الروماني آثر أن يكون حليفاً للعرب لأن جيشهم تبدد وتشتت في البلاد بسبب خوفه من مواجهة الجيش الإسلامي.
واستطاعت هذه الغزوة أن تحقق أهدافها دون قتال وحرب بين الطرفين وفر الجيش الروماني نحو الشمال معترفين بذلك بهزيمتهم أمام الجيش الإسلامي، وبذلك تركوا مواقعهم للدولة الإسلامية . كما ترتب على هذه الهزيمة خضوع النصرانية للدولة الإسلامية لأنها كانت قبل ذلك تحت ولاية الدولة الرومانية، وشمل ذلك خضوع إمارة دومة الجندل وإمارة إيلة العقبة، وبناءً على ذلك كتب النبي عليه السلام كتاباً أوضح فيه للنصرانية ما لهم وما عليهم.
وقد نزلت آيات من القرآن الكريم عاتب فيها الله تعالى المسلمين الذين تخلفوا عن الخروج في هذه المعركة قال تعالى : " نْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ".
سبب التسمية
وقعت هذه الغزة في مكان يدعى ب"عين تبوك" لذا سميت الغزوة على اسم هذه المكان وهو يقع شمال الحجاز ويبعد عن المدينة المنورة ما يقارب 778كم تقريباً، وقد تعددت أسماء هذه الغزوة فقد أطلق عليها أيضاً اسم "غزوة العسرة" لأن المسلمين فيها لاقوا الشدة وعسر الحال، حيث كان الجو شديد الحرارة والمسافة بعيدة، وواجهوا العناء والمشقة بسبب قلة المؤونة ونقص الدواب التي تحمل المجاهدين إلى أرض المعركة، وندرة الماء خلال السفر الطويل والحرارة العالية، حيث ذكرت هذه الغزوة في القرآن الكريم باسم ساعة العسرة .
كما أطلق على هذه الغزوة اسم "الفاضحة" لأن في هذه الغزوة كشفت حقيقة المنافقين من المسلمين، وبينت طرقهم الماكرة والخبيثة، وما ارتكبوه من جرائم بحق النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين المرابطين، ويلخص ابن كثير أن سبب الغزوة هو استجابة طبيعية لفريضة الجهاد، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الروم لأنهم الأولى بهالهداية إلى الإسلام والأقرب إليه من غيرهم، كما أمر الله تعالى نبيه محمد بوجوب قتال أهل الكتاب من اليهود والنصارى بعدما أنهى وجود المشركين الكفار، ودخل الكثير من الناس في الإسلام .