سيد القمني، المفكر والباحث الذي اتهم بالكفر والإلحاد، تناول في غالبية دراساته تاريخ شبه الجزيرة العربية قبيل مجيء الإسلام وبعده والدعوة المحمدية، دراساته اجمتاعية تاريخية؛ ولد سيد القمني عام ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين في مصر في محافظة بني سويف بالتحديد.
درس علوم الفلسفة في مصر بعين شمس، وعمل في البحث التاريخي، والتاريخ الإسلامي بالأخص؛ آرائه الجريئة التي وقفت بوجه الأراء الإسلامية السياسية كانت محط أنظار الكثيرين واهتمامهم؛ وكان له العديد من الكتب كالدولة المحمدية، ورب هذا الزمان، والعديد من الدراسات التي نشرها.
تعرض بعضها للمنع والمصادرة بقرار من الأزهر، وذلك لما فيها مما تسبب بتهديده بالقتل من قبل أحد الحركات السلفية في مصر، وأهدر دمه إلا في حال تراجع عن توجهاته وآرائه، وبالفعل كان ذلك وأصدر بياناً نشر في وسائل الإعلام بتوقفه عن الكتابة وعن الفكر أيضاً؛ ومن الكتب التي أكسب القمني صيتاً كبيراً ونقداً واعتراضاً أكبر هو كتاب حروب دولة محمد، أو كما أعيد تسميته بحروب دولة الرسول.
رجع القمني الحاصل على جائزة التقدير في العلوم الإجتماعية في كتابه حروب دولة الرسول إلى مراجع إسلامية معتمدة من الأزهر فقط، ومراجعه اشتملت على مجالات شتى كالحديث والتفسير والسيرة؛ يتناول هذا الكتاب نظرة العرب إلى الألوهية قبل الإسلام حيث أن أصنامهم لم تكن آلهتهم بل هي وسيلة يتقربون بها إلى الآلهة، في حين أن الدين الإسلامي جاء ليرسخ مفهوم وتعريف ومعنى الربوبية والوحدانية؛ تناول أيضاً مكانة قريش التجارية والسياسية واحتكارها ويصف حالها الإجتماعية وتركيب المجتمع آنذاك، وترتيب مراكز السلطة ومجالسها، ونتيجة للسلطوية التي تشكلت في ذلك الوقت كان نتاجها تكون طبقات مختلفة في القبائل التي نالت شرف التقريش، وأصبح معيار السلطة والشرف والمكانة هو المال، وحين جاء الإسلام رفض فكرة التشرذم القبلي والإنصياع لشيخ القبيلة، بل أوجد شخصاً واحداً لكل القبائل وكل الشعوب وكل أهل الأرض هو النبي محمد، وبهذا أسس الإسلام نظاماً إجتماعياً مختلفاً تماما؛ ولدخولك هذا النظام، ما عليك سوى أن تعتنق لا إله إلا الله محمد رسول الله والإخلاص لها؛ انتهج النبي محمد أسلوب الثواب في بداية الدعوة، مغرياً من صدّقه بخاتمة مثلى وحياة أجمل.
ينتقل الكتاب بالقارئ على اختلاف المراحل التي مرت بها الدعوة الإسلامية، وطريقة تكيفها مع التغييرات التي تحل بها وبمسيرتها على مختلف الما هى اسباب والنتائج؛ وهناك بعض التشكيكات وبعض الأفكار التي يطرحها يجعل من كتابه موضع جدل، حيث أنه طرق ووسائل بيده أبواب العناء في سبيل الحقيقة العلمية؛ كانت النتيجة التي توصل إليها هي أن الرسول كان له وصف المخلص أو النقذ، ويتنهي الحال بالدعوة الإسلامية كحال أي نظام حكم سابق يتبع لها أو لا، وهو أن الشعب مكون من طبقة حاكمة وطبقة محكومة، والقرار يصدر من وجهة نظر واحدة وما دونها يعتبر خارجاً عن الملة.