وقعت معركة مؤتة العظيمة في العام الثامن من الهجرة، وهو العام الذي وافق العام 629 من الميلاد. وقد وقعت أحداث هذه المعركة في منطقة مؤتة التي تقع إلى الجنوب من بلاد الشام. وتقع مؤتة تحديداً في محافظة الكرك والتي تعد واحدة من محافظات الجنوب في المملكة الأردنية الهاشمية، حيث تقع في المنطقة الجنوبية الغربية من الأردن.
تعتبر معركة مؤتة المعركة المعجزة في التاريخ، فما حصل فيها هو إعجاز بكافة المقاييس وخاصة المقاييس العسكرية الماديّة. ففي هذه المعركة استطاع المسلمون الذي لم يتجاوز عددهم 3000 آلاف مقاتل الصمود أمام جحافل الروم الذي وصلت أعدادهم إلى 200,000 جندي تقريباً، 100,000 منهم من الروم، والـ 100,000 الآخرون هم من القبائل العربية التي تحالفت مع الروم. ففي هذه المعركة كان في مقابل كل مقاتل مسلم 66 مقاتل من الروم وهذا بقسمة بسيطة لعدد الروم على عدد المسلمين. ومع هذا صمد المسلمون صموداً جباراً وأثخنوا من جراح الروم، وانسحبوا في نهاية المعركة بعد أن دمروا روح الروم المعنوية تدميراً شاملاً لم يبق ولم يذر، الأمر الذي جعلهم يعاودون الهجوم عليهم لاحقاً وفتح بلاد الشام كلها وطرد الروم منها وإلى الأبد.
وضع الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – ثلاثة قادة على هذا الجيش، يتناوبون على القيادة في حالة استشهد القائد، وهؤلاء الصحابة الثلاثة هم زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة – رضي الله عنهم – جميعاً، وفي حال استشهدوا جميعهم يقوم أفراد الجيش باختيار القائداً، وفعلاً فقد منّ الله تعالى على هؤلاء القادة الثلاثة العظام بالشهادة في هذه المعركة، واختار المسلمون عليهم القائد المسلم والصحابي الجليل سيف الله المسلول خالد بن الوليد – رضي الله عنه -، الأمر الذي جعله يعيد ترتيب الأوراق، وينسحب بجيشه بعد أن أوجعهم وهدم روحهم المعنوية، فقد كانت خطته عظيمة إلى أقصى حد ودرجة، الأمر الذي جعل العالم كله ينبهر بها وإلى يومنا هذا، فخالد بن الوليد هو واحد من أعظم القادة العسكريين الذين عرفهم التاريخ الإنساني كله.
أمّا أسماء الشهداء في هذه المعركة العظيمة فهم زيد ب حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، بالإضافة إلى مسعود بن الأسود، وعمرو بن سعد، وعباد بن قيس، ومسعود بن الأسود، وسراقة بن عمرو، والحارث بن النعمان، وأبو كليب بن عمرو، وعامر بن سعد، وجابر بن عمرو. ومن هنا وبسبب كل هذه البطولات العظيمة التي سطرها هؤلاء العظماء ظلّت معركة مؤتة خالدة في التاريخ غير قابلة للزوال.