كانت العرب قبل الإسلام يعيشون في ظُلمةِ حالكة من العبودية لغير الله والتناحر على الأمور الدنيوية وملذاتها، حيث كانوا يقتتلون على الشاة والبعير، ويقتتلون إذا سبقت فرس أحدهم الآخر، وتمتدّ الحروب ويهلك فيها الحرث والنسل بدعوى جاهليّة وحميّة زائلة وافتخارٍ بأنساب وقبائل، فما زالَ هذا حالُهُم حتّى جاءهُم الإسلام مهذّباً ومُربيّاً واستخرج من العرب مكنونَ الحقّ لديهم والذي غيبتهُ سنون الجهل والتردّي في ظلمات الشرك والضلال، فكانَ العزّ بالاسلام للعرب شعاراً وبه انقلبت أحوالهم لأنّهم قبل الإسلام كانت لهُم عقول ولكن بلا هداية.
ومِن إحدى الحروب والمطاحنات التي دارت رحاها قبل الإسلام هيَ حربُ بُعاث، التي أتت على أهل يثرب قبل أن يدخلَها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فما هيَ حربُ بُعاث أو كما قيل يومُ بعاث وذلك لأنَّ العرب تدعو الحروب بالأيام فيقولون يومُ بدر ويوم أحد دلالة على الحرب.
يومُ بُعاث ( حربُ بعاث)
تُنطق كلمة بُعاث بضمِّ حرف الباء، وبُعاث هيَ إحدى المناطق الواقعة في مدينة يثرب أو المدينة المنوّرة لاحقاً بعد هجرة الرسول المُصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد وقعَت حرب بُعاث قبل إسلام يثرب وقبل هجرة النبيّ عليه الصلاة والسلام بخمس سنوات، ووقعت هذهِ المعركة بشكلٍ أساسيّ بين قبيلتي الأوس والخزرج وهُما أكبر قبيلتين في يثرب، وكانت الشحناء والبغضاء والحروب دائرةً رحاها على الدوام فيما بينهم، حتّى هداهم الله للإٍسلام وأصبحوا أنصاراً تحت راية الإسلام.
ما هى اسباب حرب بُعاث ونتائجها
السبب الرئيسي لحرب بُعاث أنَّ الخزرج علمت أنّ هُناك تحالفاً يدور بين يهود بني قريظة ويهود بني النضير مع الأوس، فأرسل الخزرج رسائل تهديد إلى يهود بني النضير وقريظة بأنّ يكفّوا أيديهم عن مُعاونة الأوس فأجابهُم اليهود لمّا أرادوا وطلبوا منهُم الخزرج ضمانات لتكفل لهُم عدم مُعاونة الأوس مُستقبلاً، فأرسل اليهود لهُم بعضاً من غلمانهم كوعدٍ للأمان لهُم، فما كانَ من الخزرج إلاَ أن طلبوا من اليهود أن يُخلوا ديارهم ويتركوها لهم أو يقتلوا أبناءهم، فرفضَ اليهود أن يُسلموهم ديارهم فقتل الخزرج الغِلمان غدراً، وعندها دارت رحى الحرب، حيثُ وقَفَ يهود بني النضير ويهود بني قُريظة صفّاً واحداً مع الأوس ضدّ الخزرج ومن حالفهُم من القبائل، وكانَ عبدالله بن أبيّ بن سلول مُعارضاً للغدر الذي ارتكبهُ قومه الخزرج ضدّ غِلمان اليهود ولم يشترك معهُم في الحرب، وقد دارت رحى الحرب في بادئ الأمر لصالح الخزرج، إلى أن اشتدّت قوة قتال الأوس وقتلوا قائد الخزرج، ودحروهُم فكانت الغلبة للأوس على الخزرج في هذهِ الحرب المُهلكة.