مقدمة
خلقنا الله عزّ وجلّ وأنعم علينا بنعمٍ عظيمةٍ لا تعدّ ولا تحصى وسخّر لنا كل ما في الأرض تحت تصرّفنا، ولكنّه سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثاً بل خلقنا لنعبده وحده لا شريك له، ولا نشرك بعبادته أحداً قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) صدق الله العظيم، فالهدف من الخلق واضح وجليّ، ليس الهدف أن يسعى الإنسان لجاه أو لمال أو لسلطة، أو يجعل جلّ همه الالبحث عن مترفات الحياة، ويترك الهدف الحقيقي من خلقه ويتغاضى عن عبادته تعالى، فهو إذاً يستحق غضب الله عليه وسخطه وسوف يحيا حياةً بعيدةً كل البعد عن السعادة وراحة البال لقولة تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)، فإذا أراد الإنسان حياة مليئة بالسعادة والطمأنينة عليه بالبعد عن المعاصي وأن يسخّر وقته لإرضاء الله، فينال بذلك خيريّ الدنيا والأخرة.
عشر طرق وخطوات لتملئ وقتك في مرضاة الله
أكثر من الذكر
اجعل لسانك عطراً بذكر الله فلا تنقطع عن التسبيح والتكبير والحمد والثناء عليه سبحانه وتعالى والصلاة على النبي محمد صلّ الله عليه وسلّم فمن صلّ صلاة على نبينا الحبيب صلّ الله عليه بها عشرة، فرغم سهولة الأمر لكن معظمنا يغفل عن قول(سبحان الله-الحمد لله –لا إله إلّا الله-الله أكبر) فهي خفيفة على اللسان ثقيلة بالميزان ومن الذكر المحبب (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)، و(استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم)، و(لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم)، ولا ننسى الاستغفار لما له من الأثر العظيم في حياة الإنسان، فالاستغفار سبب سعة الرزق، وسبب مغفرة الذنوب بإذنه تعالى، ومن الأدعية المحببة: (اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات) فعندما يدعو المسلم بهذا الدعاء ينال فضلاً عظيماً، وتلحق المغفرة بالداعي بإذنه تعالى، فيجب على المسلم تعلم الأدعية المحببة خاصة أدعية الرسول صلّى الله عليه وسلّم حتى يرطّب بها لسانه، ويشغل بها وقت فراغه، فمن الذكر الذي كان يعلمه عليه السلام لزوجته عائشة: (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزينة عرشه ومداد كلماته).ولا نغفل أيضاً عن أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وأذكار الخروج من المنزل ، وأذكار الركوب بالسيارة، وأذكار ارتداء الملابس، وغيرها من الأذكار والأدعية التي تضيف على يومنا البركة وتبعد الشيطان.
حافظ على الصلاة
يجب على كل مسلم الحفاظ على الصلاة وأن لا يتهاون بها، فهي أول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة، خاصة صلاة الفجر لكي يبسط الله له في رزقه، والصلاة النافلة تقرّب العبد من ربه، خاصة قيام الليل فلها الأثر الأعظم على حياة المسلم فيرى ثمرة قيامه وصلاته توفيق من الله ورضواناً منه عزّ وجلّ.
اخلص النية لله تعالى
يجب على المسلم أن يخلص النية ويبتغي بعمله الصالح وجه الله تعالى، مبعداً في ذلك كل البعد عن الرياء، فيجب أن يخلص الإنسان في عمله ويبتغي في ذلك مرضاة الله حتى لو لم يكن مديره يراقبه، فالمسلم على يقين تام أن حياته كلّها لله.
ابتعد عن المعاصي
مترفات الحياة كثيرة، ومن السهل جداً أن يغرق الإنسان بالمعاصي ولو من دون قصد، لذا يجب الحذر من الوقوع فيها فهي بحر عميق يبدأ بتجربة ويستمر باسم التسلية، فيضحى إدماناً يصعب القضاء عليه، فكم من شبابنا اليوم وقعوا ضحية إدمان الكحول والمخدرات أو إدمان الاستخدام السيئ للإنترنت وكانت البداية تجربة، ويكون البعد عن المعاصي بقوة الإيمان، وإشغال النفس بما يرضي الله، وملء أوقات الفراغ بعمل نافع، حتى لا يقع الإنسان فريسةً للشيطان فيدخل له من أي باب شاء، ويوسوس له بالشر والفساد وارتكاب المعاصي.
احرص على رضا الوالدين
أمرنا الله سبحانه وتعالى بطاعة الوالدين، ومعاملتهما المعاملة الحسنة التي تجلب لنا رضاهما عنا وبالتالي رضاه عزّ وجلّ، ومن توفي والداه وهما راضين عنه فاز فوزاً عظيماً، فدعاء الأم كنز، ورضاها لا يقدر بثمن، وكذلك رضا الأب، فعندما يغضب ذلك الأب الحنون ويشعر بالأسى والحسرة على ما أنفق من عمره في سبيل تربية أبنائه دون أن يثمر ذلك العناء ثماره الحسنة فلن ينعم الأبناء بحياة سعيدة لأنه سبحانه سوف يريهم أثر ذلك في أبنائهم ، ولن يرضَ عنهم أبداً حتى يقوموا بواجبهم تجاه والديهم، فرضا الله من رضا الوالدين.
االبحث عن العلم وتعلم العلوم النافعة
قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) صدق الله العظيم، فالإنسان المتعلّم يعرف تماماً مدى قدرته عزّ وجلّ، وينبع إيمانه من خشيته لله وحبه له، فمن اراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة عليه بالعلم ومن ارادهما معاً عليه بالعلم، فعندما نتعلم بنية صادقة لوجه الله، ونخلص في التعلم ، ولا نكتم علم تعلمناه، يرضى الله عنا ويرفع درجاتنا بإذنه تعالى.
بادل الإساءة بالإحسان
من اجمل وافضل الصفات التي يتصف بها المسلم: العفو عند المقدرة، فعندما يقابل الإنسان الإساءة بالإحسان يرضى الله عنه، ويجازيه بالمغفرة والإحسان خير جزاء، فلا بد للإنسان أن يقابل في حياته أصناف مختلفة من الناس، منهم صاحب الخلق الحسن، ومنهم من لا يملك أي ذخيرة من ذخائر المعاملة الطيبة والكلمة الحسنة، لذا وجب على المسلم أن يستوعب جميع الأصناف، فإذا قابل أناس من فئة العقول السيئة والألسنة الحادّة لا يجوز أن يتعامل معهم بنفس أسلوبهم، فهو بذلك مثلهم، فالمسلم يكظم الغيظ ويتعامل بأسلوبه الخاص مع الجميع، وهذا نهج حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
حافظ على قراءة القرآن الكريم وتعليمه للآخرين
القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة الوحي جبريل عليه السلام، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، المتعبد بقراءته وتلاوته، أنزله الله هدايةً للناس ورحمة للعالمين، فمنه يتعلمون تعاليم دينهم الحنيف، ويستنبطون منه الحكم التي تساعدهم في بناء مجتمعهم المترابط المتراحم فهم في ذلك يقوموا ببناء مجتمع مترابط متمسك بدينه، يصعب هزيمته من قبل الأعداء، لذا وجب علينا المداومة على قراءة القرآن الكريم وتعليمه لأبنائنا، فهو ينقّي الروح، وينمي الفكر، ويهذب النفس، وتدبر معاني القرآن الكريم يساعدنا في أخذ العظة والعبرة من الأقوام السابقة، ويكفينا أن ننال الأجر والحسنات من الله عزّ وجلّ فكل حرف من كتاب الله بحسنة والحسنة بعشر أمثالها ومن أراد مزيداً من الثواب عليه بتعليم الناس القرآن الكريم وطريقة تلاوته، فهو بذلك يضاعف ثوابه عند الله عزّ وجلّ.
الإكثار من الصدقات
ليس فقط صدقات الأموال التي ينفقها الأغنياء على الفقراء وحسب، فالكلمة الطيبة صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، والابتسامة في وجه أخيك صدقة، فمن أخلص النية لله عزّ وجلّ على حب الصدقات وجد أكثر من سبيل لتحقيق ذلك.
الرضا بالقضاء والقدر
فالله سبحانه وتعالى كتب لنا أقدارنا، وهو أعلم بمصلحتنا منا، لذا يجب الرضا وعدم التذمر من القضاء والقدر، فالله سبحانه وتعالى أرحم بنا من الأم بابنها، فلو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع، فما نحسبه شراً هو بالتأكيد خيراً لنا، فالقناعة كنز لا يفنى، وهذا بالتأكيد لا يعني التواكل، فالإنسان المتواكل لا يأخذ بالما هى اسباب ويكتفي بقول هكذا كتب الله علي ولا يسعى للتصليح والتغيير، فالمراد هنا عدم التذمر من الأقدار، لكي يرضى الله عنى.
خاتمة
وفي خضم التكنولوجيا الحديثة فإن معظم أوقاتنا نقضيها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا بحد ذاته خطأٌ فادحٌ، فيجب علينا تقسيم أوقاتنا وترتيبها، فلا بأس باستخدام تلك المواقع ولكن فيما يرضي الله تعالى ولا يغضبه منا، فبإمكاننا استخدام صفحة الفيس بوك للتذكير بالأدعية والأذكار بدلاً من العبث في سمعة الآخرين، واللهو فيما لا ينفع، لكي لا نخسر أوقاتنا في خضم عصر السرعة والإنترنت ونكون بذلك خسرنا آخرتنا والعياذ بالله.