قبل التكلم عن فوائد وفضائل ماء زمزم المبارك، يستحسن أن نذكر وبشكل مختصر قصة هذا الماء التي وردت في صحيح البخاري، حيث جاء فيها أن سيدنا إبراهيم عليه السلام رحل إلى مكة مع زوجته هاجر وولده الرضيع إسماعيل، وقام بتركهم في مكان قريب من الحرم المكي، ومن ثم عاد لوحده بأمر من الله تعالى، وبعد أن ابتعد سيدنا إبراهيم قليلًا عنهم دعا ربه بأن يرزقهم من فضله.
وقد كان مع هاجر شيء من الماء والتمر، فأخذت تشرب من الماء، وترضع ولدها، حتى إذا نفذ ما لديها من الماء عطشت، وعطش ولدها، بسبب جفاف ثديها من اللبن، ومن ثم تركت ولدها وقامت عنه بعد أن حزنت على حاله وهو يشكو الجوع والعطش، وذهبت إلى جبل الصفا لتنظر لعل هناك من أحد يساعدها، ومن ثم توجهت إلى جبل المروى لنفس الغرض، ففعلت ذلك سبع مرات وهي تتنقل بين الصفا والمروى، وعند الشوط السابع وهي على المروى سمعت صوتًا، وقد تكرر مرة أخرى، فطلبت الغوث والمساعدة من صاحب ذلك الصوت، ومن ثم عادت إلى ابنها، فوجدت الملك جبريل عند موضع زمزم، فقام جبريل بضرب الأرض ليتفجر منها الماء، فشربت منه وسقت ابنها.
وتجدر الإشارة إلى أن بئر زمزم قد أعيد حفرها وتجديدها على يد عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أورد الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية قصة إعادة حفر بئر زمزم، وكيف استدل عبد المطلب على موضع البئر، وقام بحفرها، بعد أن أتاه شخص في المنام وأمره بحفرها، ودله على موضعها.
قد أشارت العديد من الأحاديث النبوية إلى فضل وبركة ماء زمزم، وقد تبين في عصرنا أن لماء زمزم الكثير من الفوائد بسبب الخواص الكيميائية التي يتركب منها، وقد قامت حوله العديد من الدراسات والأبحاث، وخاصة في مركز أبحاث الحج في السعودية، فتلك الدراسات تشير إلى نقاء وطهارة ماء زمزم، فلا يوجد فيه أي شوائب أو جراثيم أو ميكروبات، وإذا وجد فيه شيء من تلك، فهذا يرجع إلى الأنابيب التي ينقل بها، أو الآنية التي يخزن فيها.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن ماء زمزم غني بالمعادن المفيدة للجسم، وأنه يمد الجسم بقدر ممتاز من الطاقة والحيوية والنشاط، وأنه غني بمضادات الأكسدة المفيدة للجسم والخلايا والأنسجة، وأنه يزيل السموم من الجسم، بالإضافة إلى أنه يساعد كثيرًا على امتصاص العناصر الغذائية بكفاءة عالية، كما أنه يساعد على تحسين الهضم.
يشير العديد من الخبراء إلى أن ماء زمزم فيه نسبة مرتفعة من الصوديوم والأملاح، ويشيرون أيضًا إلى أنه في المناطق الحارة كمكة المكرمة قد يتعرض الإنسان بسبب ذلك الحر إلى نقص في الصوديوم والبوتاسيوم والأملاح من الجسم، ويساعد في ذلك النقص المجهود الذي يبذله الإنسان وخاصة في مواسم الحج والعمرة، فتلك النسبة المرتفعة التي يمتاز بها ماء زمزم تساعد على تعويض ذلك النقص من الجسم.
ونسمع العديد من القصص التي تورى عن بعض المرضى الذين كانوا مصابين بأمراض مستعصية، وقد شفوا وتعافوا بعد أن شربوا من ماء زمزم، وربما نجد بعض المرضى قد شربوا من ماء زمزم، ولم يحصل لهم الشفاء، وهذا الأمر قد يثير شبهة عند الكثيرين بفضل هذا الماء وبركته، ولكن يجب التنبيه إلى أنه قد يوجد العديد من الموانع عند الشخص نفسه تقف حائلًا بينه وبين الشفاء عند شرب ماء زمزم، كأن يكون من ضعفاء الإيمان واليقين، أو يكون من أهل المعاصي والفجور، أو أن يكون قد شربه مع عدم ثقته بالشفاء، وغير ذلك.
هذا ما في جعبتنا عن فوائد ماء زمزم وفضله، ونسأل الله أن ينفع القراء بما كتبنا، والحمد لله رب العالمين.