في صراع الإنسان مع نفسه ومع الشيطان من أجل البقاء على طريق الحق وتجنب المحرمات والكبائر لا بد أن يقع في بعض الأحيان فالإنسان ليس معصوماً عن الخطأ إنّما يحاول جاهداً بإن يبقى على الطريق الصحيح الذي وضعه الله عز وجل بتعاليم الإسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وعند وقوع العبد في زلة أو معصية كبيرة أو صغيرة فإنّ الله عز وجل الذي خلق الإنسان ويعلم بما توسوس له نفسه به قد أبقى باب التوبة مفتوحاً على الدوام وجعل من أسمائه التواب إذ أنّه يتوب على العبد مهما طال به الأمد عندما يعزم هذا العبد على الرجوع إلى الله عز وجل فباب التوبة متوح على الدوام لا يغلق حتى تبلغ الروح الحلقوم أو حتى تطلع الشمس من مغربها فحينها كما قال الله عز وجل في كتابه الحكيم :" لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ".
وللتوبة الصحيحة شروط فسرها العلماء فالتوبة ليست مسألة مزاح بأن يتوب الإنسان في أول النهار وهو ينوي أن يعود للمعصية في آخر الليل كما فعل فرعون، فلذلك يجب أن يكون الإنسان صادقاً في توبته مع نفسه ومع الله عز وجل فتكون نابعة من قلبه لا من لسانه فقط، وأمّا أحد شروطه الأخرى وهي شرط واجب في كل تعاليم الإسلام فهو المفتاح لقبول التوبة أو العمل وهو أن تكون مخلصاً في توبتك لله وحده فلا تكون التوبة رياءً أو خوفاً من الفضيحة أو الأمراض أو الناس.
وعلى المرء عند إقدامه على التوبة إلى الله عز وجل أن يقوم بترك المعصية التي يقوم بها في الحال وأن يعزم على عدم العودة إليها مع ندمه على قيامه بها خوفاً ورهبةً من الله وحده وليس لأي شخص آخر كما أنّه عليه أن يقوم بإرجاع الحقوق لإصحابها لتقبل توبته في حال كانت المعصية فيها تعدٍّ على حقوق الآخرين وطلب مسامحتهم والعفو منهم وبعد التوبة يمكن للمرء أن يكثر من الحسنات فإن الحسنات تمحو السيئات وأن يستغفر الله على الدوام ويطلب منه العون على الابتعاد عن هذه المعصية ويجاهد نفسه في ذلك بالابتعاد عمّا يقربها منه من رفاق أو بيئة أو غير ذلك.
ويجب على كل مرء أن يعلم أنّ الله عز وجل غفور رحيم يقبل التوبة من عباده على الدوام وفي هذا الباب العديد من قصص السلف ممن قبل الله توبتهم كالذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم أكملهم على المائة بعد ذلك وحينها قبل الله توبته بعد أن تاب إلى الله عز جل توبةً صادقةً لله وحده.