كلام الله عزّ وجّل يعتبر من أعظم الأمور التي تساعد الشّخص على الارتياح والتقرّب من الله عزّ وجّل، وهو كلام الله المنزل على عبده محّمد - صلّى الله عليه وسلّم - والتي تعتبر المعجزة الخالدة لنبيّ الله، حيث أنّ لكلّ سورة في القرآن شأناً عظيماً، ومنها سورة الكهف، فقد وصّانا النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - على مداومة قراءتها في كلّ يوم جمعة.
إنّ سورة الكهف هي من السّور المكيّة في القرآن الكريم، وترتيبها الثّامن عشر من بين ترتيب سور القرآن الكريم، وعدد آياتها مئة وإحدى عشر آية، وهي إحدى السور الخمسة التي تبدأ بحمد الله تعالى، وهي الكهف، والفاتحة، والأنعام، وسبأ، وفاطر.
وقد ذكرت في هذه السّورة قصص قرآنية منها: قصة أهل الكهف، وقصة موسى والخضر، وقصة صاحب الجنّتين، وقصة ذي القرنين، ومن ميّزة هذه السّورة والقصص التي فيها أنّها تجمع معظم الفتن الأربعة في الدّنيا، فتنة العلم وهي قصّة موسى والخضر، وفتنة المال وهي قصّة صاحب الجنّتين، وفتنة السّلطة وهي قصّة ذو القرنين، وفتنة الدّين وهي قصة صاحب الجنّتين، وهذه الفتن من أعظم الفتن التي يسعى إليها الشّيطان للخراب بين النّاس، قال سبحانه وتعالى:" وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذرّيته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين "، الكهف/50.
ما الحكمة من قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
لقد وردت عدّة أحاديث في فضل سورة الكهف، وفضل قراءتها في يوم الجمعة، وبعضها في الصّحيحين وبعضها في غيرهما، قال البخاري في صحيحه: باب فضل سورة الكهف، ثمّ ذكر بسنده عن البراء بن عازب قال:" كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشّته سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزّلت بالقرآن "، متفق عليه.
وفي صحيح مسلم مرفوعاً:" من حفظ عشر آيات من أوّل سورة الكهف عصم من الدجّال "، وقد روى الحاكم في المستدرك مرفوعاً:" إنّ من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النّور ما بين الجمعتين "، وصحّحه الألباني، ولا شكّ أنّه قد ورد فيها أحاديث ضعيفة، مثل حديث:" من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم ثمانية أيّام من كلّ فتنة تكون، فإن خرج الدجّال عصم منه "، ومثل حديث:" ألا أخبركم بسورة.... ومن قرأها غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وثلاثة أيّام.. "، وعلى ذلك فإنّ الأحاديث الواردة في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة منها الصّحيح ومنها غير ذلك. (1)
إنّ قراءة سورة الكهف في ليلة الجمعة أو في يومها هي أمر مستحبّ، قال في فتح القدير:" يندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها، كما نصّ عليه الشّافعي، وقد أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النّور ما بين الجمعتين " ".
وفي رواية عند الحاكم أنّه - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آياتٍ من آخرها ثمّ خرج الدجال لم يسلط عليه..."، وهذه الزّيادة التي وردت في هذه الرّواية أخرجها مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي في سننهما وأحمد في مسنده. (2)
فضل يوم الجمعة
إنّ يوم الجمعة هو احسن وأفضل الأيام، وذلك بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم:" خير يوم طلعت عليه الشّمس يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم السّاعة إلا في يوم الجمعة "، رواه مسلم في صحيحه.
كما قال صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ من احسن وأفضل أيّامكم يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النّفخة، وفيه الصّعقة، فأكثروا عليّ من الصّلاة فيه، فإنّ صلاتكم معروضة علي، قال: قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت، فقال: إنّ الله عزّ وجلّ حرّم على الأرض أجساد الأنبياء "، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم وصحّحه الشّيخ الألباني.
وإنّ هذا الفضل الثّابت ليوم الجمعة يشمل اليوم كله، أي ما قبل الصلاة منه وبعدها، وبالتالي فإنّه لا يوجد دليل على تخصيص وقت منه بالفضل، ما عدا السّاعة التي يستجاب فيها الدّعاء، وعلى الرّاجح أنّها آخر ساعة من يوم الجمعة قبل غروب الشّمس. (3)
أحب الأعمال يوم الجمعة
إنّ ليلة الجمعة هي الليلة التي تسبق صباح الجمعة، وتبدأ عندما تغرب الشّمس من يوم الخميس، ومن المستحبّ الإكثار من الصّلاة على النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في يوم الجمعة وليلة الجمعة، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ من احسن وأفضل أيّامكم يوم الجمعة... فأكثروا عليّ من الصّلاة فيه "، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
ولقوله صلّى الله عليه وسلّم:" أكثروا الصّلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن صلّى عليّ صلاةً صلّى الله عليه عشراً "، رواه البيهقي وحسّنه الألباني.
وكذلك فإنّه من المستحبّ الدّعاء يوم الجمعة، لأنّ فيه ساعة الإجابة، وأمّا الصّلاة فإنّ المسلم لا يخصّ يوم الجمعة ولا ليلتها بصلاة ولا بصيام دون سائر الأيام. (4)
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 116671/ درجة الأحاديث الواردة في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة/ 5-1-2009/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/islamweb.com
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 10977/ قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة/ 17-10-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/islamweb.com
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 73804/ فضل يوم الجمعة وليلته/ 26-4-2006/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(4) بتصرّف عن فتوى رقم 76730/ عبادات يتعبد بها في يوم الجمعة وليلته/ 29-8-2006/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net