أكرم الله عباده المتّقين بأن جعل لهم جائزةً ثمينةً هي أعظم الجوائز و أكملها على الإطلاق ألا و هي الجنّة ، ففي الجنّة النّعيم المطلق الخالد ففيها يحيى الإنسان فلا يموت و يتمتع بملذّاتها و لا يملّ ، قد و صفها الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز أوصافاً كثيرةً و سماها أسماءاً كنجوم السّماء منيرة ، فسمّاها دار الخلد ففيها الخلود الدّائم حيث يُأتى بالموت في صورة كبشٍ ثم يذبح على الصراط و يُنادى ، يا أهل الجّنة خلودٌ و لا موت و يا أهل النّار خلودٌ و لا موت و لا ريب أن أمنية الخلود هي أعظم أمانيّ الأنسان بعد دخول الجنّة و نيل رضوان الله ، لذلك كانت من أشد وساوس الشّيطان لآدم حين أخرجه من الجنّة أن لامس حبّ الخلود في نفسه فمنّاه بالأكل من الشجرة التي نهي عنها بزعم طلب الخلد و الملك الأبديّ الذي لا يفنى ، فأخرج من الجنّة ثمّ تاب الرّحمن عليه و استخلفه في الأرض ، و الجنّة سمّيت أيضاً بجنّات النّعيم لما فيها من النّعم و ما تشتهيه الأنفس و سمّيت بدار القرار أي الثبات فهي و نعيمها ثابتةٌ لأصحابها و هي دار المستقر و سمّيت أيضاً بدار المتقين فهي جائزتهم من عند ربّهم ، إستحقوا بها الإمتياز عن الضّالين و المشركين و المنافقين وهي جنّات الفردوس نُزُل المؤمنين الموحّدين و قد ثبت في الصّحيح أنّه إذا سأل أحدنا الله الجنّة فليسأله الفردوس الأعلى فهي أعلى الجنان ، و الجنّة هي الحسنى كما قال الله تعالى في كتابه " للذين أحسنوا الحسنى و زيادة " فالحسنى هي الجنّة التي وعد بها المتّقون و الزّيادة هي النّظر الى وجه الله سبحانه و تعالى ، و الجنّة هي دار السّلام و كيف لا و الملائكة حين تفتح أبوابها لساكني الجنان تقول لهم سلام عليكم فابتداء دخولها سلام و سكناها سلام فهي دار المُقامة و السّلام ، و قيل بتسميتها الغرفة لما ثبت في الصّحيح من وجود الغرف التي يرى ظاهرها من باطنها فيها و هي ككواكب السّماء المضيئة المرئيّة جزاءاً للمؤمنين .
فصفات الجنّة و أسماؤها تدلّ عليها و تشرح حالها و حال المؤمنين فيها ، فهي التي يرثها المتّقون ثمرةً لأعمالهم الصّالحة في الحياة الدّنيا ، قال تعالى " وتلك الجنّة التي أورثتموها بما كنتم تعملون " صدق الله العظيم .