يعيش المسلم في هذه الحياة الدّنيا و هو يعلم أنّه ميتٌ و صائرٌ إلى ربّه ، منطلقاً من إيمانه بكلام ربّه جل و علا ( كلّ نفسٍ ذائقة الموت ، و إنّما توفّون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النّار و أدخل الجنّة فقد فاز ، و ما الحياة الدّنيا إلا متاع الغرور ) ، فالدّنيا رحلةٌ يسير فيها الإنسان ثمّ تنقضي ، و الفطن فيها من يتزوّد بالتّقوى و العمل الصّالح فيجعله رصيداً له في آخرته و معاده ، حين لا ينفعه مالٌ أو بنونٌ أو جاهٌ أو سلطانٌ و إنّما ينفعه عمله ، إن كان خيراً فخير و إن كان شراً فشر .
و قد جعل الله السّاعة موعداً لنهاية العالم بما فيه من مخلوقات أوجدها الله ، و إنّ للسّاعة علاماتٍ و أماراتٍ تعرف بها و تدلّ على اقترابها منها علاماتٍ صغرى خرج كثير منها ، و منها علاماتٍ كبرى مصيريّةٍ ، و قد عدّدها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين رأى أصحابه يتذاكرون أمرها ، فقال لهم إنّها لن تأتي حتّى تروا عشر آياتٍ ، فذكر منها طلوع الشّمس من مغربها ، و هذه العلامة حين تطلع تسدّ باب التّوبة فلا يقبل عملٌ بعد ذلك ، و ذكر الدّابة التي تسم المؤمن فتكتب على جبينه مؤمن و تسم الكافر و تكتب على جبينه كافر ، كما ذكر عليه الصّلاة و السّلام نزول عيسى ابن مريم حين يقتل الدّجال و يكسر الصّليب و يذبح الخنزير ، و ذكر الدّجال و فتنته للنّاس ، و قوم يأجوج و مأجوج المفسدون في الأرض الذي بنى ذو القرنين سداً حولهم لمنع شرّهم و إفسادهم ، فهم كلّ يومٍ يحاولون فتحه ولكن يعود كلّما فتحوه في اليوم التّالي كما كان ، حتّى إذا أذن الله لهم بالخروج أنطق الله أحدهم بقوله نعود غداً لنحفره إن شاء الله ، فيعودون و قد وجدوه محفوراً ليكملوا حفرهم و يخرجوا لميقات ربّهم ، و ذكر النّبيّ ثلاث خسوفٍ تحدث ، خسفٌ بالمشرق ، و خسفٌ بالمغرب ، و خسفٌ بجزيرة العرب ، و أخيراً خروج نارٍ من اليمن تسوق النّاس إلى محشرهم تبيت معهم إذا باتوا و ترتحل إذا ارتحلوا .
فعلامات و دلائل السّاعة الكبرى لم يخرج منها شيءٌ ، و قد ورد أنّ أول تلك العلامات و دلائل طلوع الشّمس من مغربها أو الدّابة أيّهما تسبق الأخرى كانت الأولى ، وهي حين تخرج تتابع كالنّظام إذا انقطع سلكه ، فعلى المسلم الاستعداد بخير الزّاد ليوم المعاد .