عن ابي هريرة - رضي الله عنه- ان الرسول- صلى الله عليه وسلم - مر عليه وهو يغرس غرساً فقال: " الا ادلك على غراس خير من هذا ؟ سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر يغرس لك بكل واحدة شجرة من الجنة".
إن المزارع حريص على زرعه وارضه اشد الحرص؛ فهو يزيد غراسها ليزيد محصولها فيكتر انتاجها، ويستفيد منها لكنها لم تكن لتمنحه كل ذلك لولا اهتمامه الشديد بها وريها والاكثار من زرع بذورها، وهذا حاله في الدنيا الفانية فكيف بالمسلم الموحد لربه تعالى، الحريص على اخرته كحرصه على دنياه بل اشد من ذلك فالاخرة هي البقاء والفلاح .
لذا ان النبي الكريم بين لنا في الكثير من الاحاديث ان الجنة تحتاج الي غراس المسلم، وغراسها يكون في التسبيح والذكر الوارد عنه عليه السلام . فللذكر فوائد جمة منها استحضار وجود الله تعالى دائماً وابداً وفي كل حال من الاحوال ، ومحو للذنوب والاثام التي يقترفها العبد بلسانه او بجوارحه او بقلبه، وكل عبد خطاء. والذكر يرطب اللسان ويبعده عن منكراته؛ كالغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور والبهتان، وهو تمجيد وعبادة لله تعالى الواحد الاحد، مالك يوم الدين الذي لا ند له ولا شريك . فالذكر عبادة له وقرب منه وبه يعان المرء على مشاق واجباته واعماله. وهو علامة حب المرء لربه فمن احب الشيء اكثر من ذكره ، ومن ذكر الله تعالى في نفسه ذكره الله في نفسه، ومن ذكره في ملأ ذكره سبحانه في ملأ افضل منه. وقد قال عز وجل "اذكروني اذكركم " ، وفي البعد عن الله تعالى ضنك ووحدة " ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ". فهنيئاً لمن عود قلبه قبل لسانه على ذكر ربه واستحضار معيته وحضوره، فابتعد عن المعاصي وتاب من الزلات والذنوب. وقد ورد في السنة النبوية الكثير من الذكر وبين النبي العظيم فضل كل ذكر وحث على ذكر الله تعالى كثيراً؛ فقد خص سبحانه فاعله بالاجر الكبير والثواب العظيم فقال " والذاكرين الله كثير والذاكرات اعد لهم مغفرة واجراً عظيماً " .
"فالحمدلله" خالصة من قلب من قالها تعني انه يحمد ربه ويشكره على ضرائه وسرائه وعلى نعمائه التي لا تعد ولا تحصى وعلى مغفرته وعفوه عنه وتمهيله ليتوب وتيسير امور دنياه ودينه وتوفير سبل السعادة له والحمدلله حمداً كبيراً طيباً مباركاً فيه على ما كان وعلى لم يكن وما فات وتعرف ما هو ات .
"ولا اله الا الله" من قلب مؤمن به تقيه من الشرك، وهي كلمة التوحيد فلا رب ولا معبود في الكون الا الله تعالى، ولا كفء له وهو اله الواحد الصمد الفرد الذي لم يلد ولم يولد. وهي ثقيلة في الميزان وعالية الفضل والمكان؛ فقد اخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ان من قالها موقنا بها دخل الجنة وهي الكلمة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المشركين ان يؤمنو بها قولا وعملا لفظا ومعنا لينقضهم من النار ومن ختم بها صحيفته دخل الجنة فهنيئا لمن امن بها وعمل بها وصدقها اما الله اكبر فهي تعني التكبير وان الله اكبر من اي شي واعلى من اي شي كان وهو فوق كل شيء كائن الارض والسموات قادر عليه فبيده كن فيكون فلذ لله العظيم الملتجا واليه الملاذ وبه الاستعانة ولا مفر منه الا اليه لذا حري بكل مسلم موحد لله تعالى مؤمن به حريص على امر دينه واخرته ان يغرس في الجنة غراسا كثير ويملا قيعانها ف سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله أكبر .