إنّ من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى ما كان خالصاً لوجه الكريم ، فالله سبحانه و تعالى هو خالق المخلوقات جميعها أمر النّاس بعبادته وحده و عدم الإشراك به ، و هو سبحانه أغنى الشّركاء عن الشّرك فمن عمل عملاً أشرك غير الله فيه تركه الله و شركه ، فإخلاص النّية لله و مراعاة ذلك في الأعمال كلّها هو جزء من العقيدة الصّحيحة ، فمن راءا النّاس راءا الله به و من سمّع الناس سمّع الله به ، فجوهر الإيمان مبنىّ على توحيد الله و من أنواعه توحيد الله سبحانه بأفعال العباد ، فالمسلم الموحّد لا يدعو إلا الله و لا يخشى أو يرجو إلا الله و لا يعبد سواه ، قال تعالى ( قل إنّ صلاتي و نسكي و محيايي و مماتي لله رب العالمين ، لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أوّل المسلمين ) .
و الشّرك بالله ظلمٌ عظيمٌ و إثمٌ كبيرٌ لا يغتفر ، فالله سبحانه لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك من الذّنوب و المعاصي لمن يشاء ، و الشّرك أنواع و درجات أشدّها عبادة غير الله ، و أدناها أن يقوم الإنسان في مقامه و عبادته يرائي النّاس و هو الشّرك الخفي الذي قال عنه الرّسول صلّى الله عليه و سلّم أنّه أخفى من دبيب النّمل في هذه الأمّة ، فمن النّاس من إذا صلّى أمام النّاس أحسن صلاته و إذا صلّى منفرداً لم يحسنها مع أن وقوفه منفرداً أمام الله تعالى أولى باستحضار عظمة و مراقبة من يقف أمامه ، و قد يتصّدق البعض بماله أمام النّاس ليحمد على ذلك و يمدح ، أو من يقاتل مختالاً لينظر النّاس إليه معجبون من شجاعته و إقدامه ، فكلّ هذا من الرّياء و الشّرك الخفيّ ، فمن أراد الآخرة و أراد أن يُتقبّل عمله في المتّقين يجب أن يخلص النّية لله عزّ وجلّ بل و يجدّدها دائماً كلّما وقف أمام الله تعالى .
و قد عُدّ الرّياء من صفات المنافقين ، فهم يراءون النّاس في أعمالهم و عباداتهم و لا يذكرون الله إلا قليلاً ، همّهم كيف ينظر النّاس إليهم و لا يهمّهم نظر الله إليهم ، قال تعالى في وصفهم ( يراءون النّاس و لا يذكرون الله إلا قليلا ) صدق الله العظيم .