ساوى الإسلام بين الرّجل و المرأة في التّكليف و الثّواب و العقاب فالمرأة مأمورةٌ بعبادة الله سبحانه و العمل بمقتضى أوامره و أحكامه و كان خطاب القرآن الكريم للرّجل و المرأة بقوله تعالى ، يا أيّها الذين آمنوا ، و هو خطابٌ للمؤمنين ذكوراً و إناثاً و إن كانت بعض الأحكام تختلف بين الذكر و الأثنى و ذلك بسبب طبيعة كلّ جنسٍ و إختلافه عن الآخر فالمرأة بطبيعتها و خِلقتها تمرّ بمراحل الحيض و الولادة و النّفاس و بالتّالي تختلف في بعض الأحكام عن الرّجل و هذا كلّه من حكمة التّشريع ، ولكن ما رتّبه الله لعباده من الأجر و الثّواب فهو واحدٌ شاملٌ لجميع عباده مهما اختلف جنسهم .
وقد حدّثنا القرآن عن نعيم أهل الجنّة و جزاؤهم عند ربّهم فتكلّم القرآن عن الجنّات التي تجري من تحتها الأنهار و عن الثّمار اليانعة و الفّاكهة الكثيرة المتنوّعة التي تشتهيها الأنفس ولحوم الطيور الزكيّه و كلّ ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين و لهم فيها ما تدّعي أنفسهم ممّا يخطر في بالهم من الملذات و أطايب الطّعام و الشّهوات ، وحدّث القرآن عن لباس أهل الجنّة حيث يلبسون الثّياب الخضر التي جعلت من سندسٍ و استبرق و يلبسون الحليّ من الذّهب و الحرير ، تجري من تحتهم أنهار الخمر و الشّراب الطّيب الذي لا يسكر و لا يُغيّب العقل وتكلّم القرآن عن الحور العين فوصفهنّ بالكواعب الأتراب جزاءاً للمتقين ، فكل ذلك النّعيم موعودةٌ به المرأة كما وُعد الرّجل أمّا عن زواج المرأة في الجنّة فتكون على أحوالٍ مختلفةٍ ، فالتي كانت في الدنيا متزوجةٌ من رجلٍ فانّها تكون له في الآخرة كما صحّ ذلك ، أمّا إذا توفيّ عنها زوجها و تزوّجت من بعده فإنّها تكون لآخر أزواجها في الدّنيا و من لم يسبق لها الزواج في الدّنيا في أصحّ روايات العلماء أنّه يُختار له رجل من أهل الجنّة من بني آدم ، فكلّ من في الجنّة ذكرٍ أو أنثى يشعر بسعادةٍ لا وصف لها و هو يستمتع بالنّعيم المقيم بل أنّه لا يتسلّل إلى قلب أحدٍ حزنٌ أو كدرٌ إذا رأى أحداً أعلى مرتبةٍ منه في الجنّة ، فقد ثبت في الصّحيح أنّ أهل الجنّة ليتراؤون أهل الغرف و من هم أعلى منهم مرتبةً كما يتراءى المرء الكوكب الدريّ في السّماء ، قال تعالى " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى? ? بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ? فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ? وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ " صدق الله العظيم .