تعتبر مرحلة القبر أو ما يطلق عليه بالحياة البرزخيّة مرحلة فتنة، فقد تكون هذه المرحلة روضة من رياض الجنّة، وقد تكون والعياذ بالله حفرة من حرف النار، وقد أكّد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على هذه الحقيقة حين استعاذ من عذاب القبر، وبيّن بأنّ الناس تبتلى في قبورها، وأنّه أخفى عن الناس بعض ما يحصل في القبر من فتنة خشية أن لا يتدافن الناس؛ أي خشية أن يتركوا الدفن، والدفن هو من إكرام الميّت، كما أكّد النبيّ عليه الصلاة والسلام على عذاب القبر حين مرّ بقبرين فيهما رجلان يعذّبان فقام بزرع نبتة على قبرهما وقال بما معناه: عسى أن تخفّف عنهما عذابهما ما دامت لم تتيبّس.
وقد وردت في القرآن الكريم عدد من الآيات التي تدل على حقيقة عذاب القبر منها قوله تعالى: ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )، وقوله تعالى (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، وقد استدلّ العلماء من هذه الآيات على أنّ عذاب القبر هو حقيقة لا يمكن إنكارها.
سؤال الملكين في القبر
قد تحدّث النبيّ صلى الله عليه وسلّم عن كيف يُسأل العبد في قبره من قبل الملك؛ فحين يموت العبد يأتيه الملك ويتفهّم منه بعض الأمور ومن بينها سؤاله عن عبادته وعن الرّجل الذي بعث في الأمّة، فإن كانت إجابته أنّه يعبد الله تعالى وأن النبي محمّد عليه الصلاة والسلام هو من بعث للأمة نبيّاً ورسولا قيل له هديت وأخذ به إلى موضعه من النّار ويقال له: هذا مقعدك من النار قد أبدلك الله بدلا منه مقعدا في الجنّة، فيذهب ليبشّر أهله فيقال له اسكن، وفي روايات أنّه يفرش له من فرش الجنّة ويأتيه من ريحها الطيبة، أمّا الكافر فيُسأل كذلك نفس الأسئلة فيجيب بأنّه لا يدري حاله ولا يدري من بعث في الأمّة، فيقال له: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطرقة بين أذنيه فيسمع صوته كلّ مخلوق إلّا الثقلين.
وقد تواترت الروايات عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم في تأكيد حقيقة عذاب القبر وأنّ الناس يفتنون في قبورهم، وعلى المسلم أن يؤمن بتلك الحقيقة فيستعدّ بالعمل الصالح وأداء الطاعات لتجنّب تعرّضه لعذاب الله تعالى في القبر وفي الآخرة، وأن لا يستهين الإنسان بالمعاصي الّتي قد يحسبها الإنسان صغيرة وتكون عند الله كبيرة، أعاذنا الله تعالى جميعاً من عذاب القبر.