خلق الله سبحانه و تعالى الجنّة و النّار ، فجعل الجنّة جائزةً المتّقين الذين آمنوا و صبروا في الحياة الدّنيا و جعل النّار عقاباً لعباده الضّالين الكافرين و جعل بين الحياة الدّنيا و الحياة الآخرة حياةً تسمى بحياة البرزخ حين يوضع الإنسان في قبره عند موته فيذهب عنه أهله و ماله و يبقى معه عمله فإن كان من المؤمنين الموحّدين نجا و أفلح و إن كان من الضّالين المنافقين خاب و خسر ، فعمل الإنسان هو المعيار في تحديد نجاة المرء من هلاكه ، و قد جعل الله سبحانه و تعالى القبر أوّل منازل الآخرة و إمّا أن يكون روضةً من رياض الجنّة و إمّا أن يكون حفرةً من حفر النّار .
و حين ارتحال الإنسان و دخوله إلى هذا العالم حيث وحشة القبر يضمّ القبر على الإنسان فمنهم من تكون الضمّة عليه خفيفةً و منهم من تكون شديدةً و لا ينجى من هذه الضمّة أحدُ ، فقد ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أنّه لو نجا منها أحدٌ لنجا منها الصّحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه ، و عند تولّي النّاس عن الميت تردّ إليه روحه و يجلس عنده ملكان يسألانه عدداً من الأسئلة منها من ربّك ؟ ما دينك ؟ من الذي بعث فيكم ؟ ، فاذا أجاب عليها بما يرضي الله وبما وعده الله سبحانه من تثبيت المؤمنين بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا و الآخرة فتحت له الملائكة باباً في الجنّة فوجد ريحها و طيبها و فرشت له من فراشها و جاءه عمله بصورةٍ حسنةٍ طيبةٍ ، و أرته الملائكة مقعده من الجنّة ، أمّا الكافر فحين تردّ إليه روحه يسأله الملائكة فلا يستطيع جوابا و لا يحسن خطابا ، فيفتح له باب إلى النّار فيجد ريحها و شدّة حرارتها و يأتيه عمله بصورةٍ خبيثةٍ سيئةٍ و يضرب بمطارق من حديد .
و قد استعاذ النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام من عذاب القبر ، و مرّ النّبيّ بجانب قبرين و قال أنّهما يعذّبان و ما يعذبان في كبير أي ليس بكبير ٍبنظر النّاس و إن كانت كبيرةً عند الله ، فقد كان أحدهما يمشي بالنّميمة و الآخر لا يستتر من بوله ، فالذي اتفق عليه علماء الأمة ثبوت عذاب القبر و نعيمه بما تواترت عليه الرّوايات .