انتشرت في العصر الحديث أمراضٌ و أسقامٌ لم يعرفها أو يعهدها أسلافنا ، أو ربّما كانت بنسبةٍ أقل ، فطبيعة الحياة العصريّة فرضت على النّاس أحياناً أنماط غذاءٍ غير صحّي فانتشرت الوجبات السّريعة و أصبح النّاس يركّزون عليها و يهملون الأكل الصّحّي المحتوي على الفيتامينات و الألياف ، فسبّب ذلك مشاكل وعيوب صحيّةٍ لكثيرٍ من النّاس و نتجت عنها أمراضٌ يعاني منها الملايين على امتداد المعمورة ، كما نتج عن العادات الصّحيّة الخاطئة أمراض السّمنة و السّكري و غيرها ، و قد حثّ ديننا على الإقتصاد في الأكل فحديث الرّسول صلّى الله عليه و سلّم في الإعتدال بالطّعام لهو خير مرشدٍ ، فقد بيّن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنّه ما ملأ ابن آدم وعاءاً شراً من بطن و بحسب ابن آدم لقيماتٍ يقمن صلبه و إن كان لابد فاعل فثلثٌ لطعامه و ثلثٌ لشرابه و ثلثٌ لنفسه ، و في الحديث نحن قومٌ لا نأكل حتّى نجوع و إذا أكلنا لا نشبع .
و ما نحن بصدد التّكلم عنه هو مرض البواسير الذي شاع بين النّاس ، و البواسير عبارة عن أوردةٍ منتفخةٍ متورّمةٍ في الجزء الأسفل من المستقيم أو فتحة الشّرج ، تسببها زيادة كمّية الدّم في الأوردة المصابة ممّا يؤدي إلى زيادة ضغط الدّم فيها و يدفعها للتّمدّد و الإنتفاخ بشكلٍ مؤذٍ يشعر به من يعاني ذلك ، و سبب زيادة الضّغط على الأوردة عدّة عوامل من بينها السّمنة و زيادة الضّغط على البطن في أثناء التّبرز أو عدم اتباع نظامٍ غذائيٍّ يحتوي على الألياف فقلّة الألياف تسبّب الإمساك ، و قلّة السّوائل في الجسم ، و تتعرّض الحامل لاحتماليّة الإصابة بالبواسير بسبب زيادة الضّغط على الأوردة بسبب البطن و كذلك بسبب نقص السّوائل أحياناً .
و تقسّم البواسير إلى بواسير خارجيّة و داخليّة ، أمّا علاجها فيكون أولاً باتّباع نظامٍ غذائيٍّ يعتمد على أكل الأطعمة المحتوية على الألياف و كذلك شرب الماء بكثرة ، و استعمال مغاطس المياه الدّافئه بشكلٍ يوميٍّ و كذلك ممارسة رياضة المشي باستمرار و تنظيم عملية التّغوط ، بالإضافة إلى أن هناك تحاميل أو كريمات موضعيّة تستخدم لعلاج و دواء آثار البواسير أو تخفيف ألمها على المصاب ، أمّا في حال لم تنفع تلك العلاجات و الوسائل فإنّ الطبيب يلجأ عادةً لطرق ووسائل الكيّ و ربما العمليات الجراحيّة لاستئصال البواسير بشكلٍ نهائيٍّ ، و تبقى دائماً و أبداً الوقاية هي خيرٌ من قنطار علاج و دواء .