عبدالله بن مسعود صحابيٌ جليل ، من أوائل المهاجرين حيث خرج في الهجرتين ، وتوجه بصلاته للقبلتين ، وهو حليف بني زهرة ، وأول من جهر بقراءة القرآن الكريم ، كان رجلاً شديد الأدمة قصيراً نحيفاً ، وكان نحيف الساقين ، حتى أضحك الصحابة عليه ، فقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم :- " لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد " ، وقد ذكره النبي بأنه أحدالرفقاء النجباء الوزراء الذين رافقوه في الدنيا .
كان عبد الله بن مسعود في يومٍ يرعى أغنام عقبة بن معيط عندما مر به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن لبن ، فأجابه بنعم ، فسأله النبي إن كانت لديه شاةً لا تدر لبناً ، فجاءه بواحدة ، وقام الرسول بالمسح عليها فأصبحت تدر اللبن ، وملأ من لبنها إناءً وشرب ، وشرب أبو بكرٍ الصديق ، فسأل عبدالله بن مسعود النبي بأن يعلمه ماذا قال حتى در لبن الشاة ، فمسح الرسول على رأسه قائلاً :- " يرحمك الله إنك غلامٌ معلم " ، ومن هنا كانت بداية إعتناق عبد الله بن مسعود للإسلام ، وقطع حينها عهداً على نفسه بأن يبقى قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم طوال حياته ، فما كان يرى رسول الله يوماً دون عبد الله بن مسعود ، حتى أنه كان يلبس النبي نعليه ويمشي أمامه بالعصا ، فكان صاحب الرسول في كل شئ ، حيث كان يوقظه إذا نام ، وساتراً عليه أثناء اغتساله .
أخذ عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ، وكان أول من جاهر بالقرآن حتى قيل :- " من أحب أن يسمع القرآن غضاً كما أنزل ، فليسمعه من إبن أم عبد " ، لقد كان عبد الله بن مسعود عالماً عابداً ، هو من قال بأن ( القلوب أوعية ، فاشغلوها بالقرآن ) ، وأيضا قال بأن العلم ليس بكثرة الرواية ، ولكنه الخشية ، وكان عبد الله بن مسعود أحد الأربعة الذين تبقوا مع رسول الله في معركة أحد ، وجثا على صدر أبي جهل وحز رأسه .
توفي عبدالله بن مسعود في المدينة المنورة ، ودفن في البقيع ، واشتهر عنه بأن له قدماً تعادل في الميزان جبل أحد ، وكناه الرسول الكريم بـ ( أبا عبد الرحمن ) .