التف حول النّبي صلّى الله عليه و سلّم في بداية دعوته رجالٌ آمنوا بالله و رسوله ، و صبروا على أذى كفّار قريش ، و تحمّلوا في سبيل ذلك شتّى أنواع العذاب و المقاطعة من القريب و البعيد ، و قد كان من بينهم رجلٌ يسمّى عثمان بن عفّان ، كان مشهوراً في قومه بالحلم و الأناة و الصّلاح ، و قد كان رجلاً شريفاً صاحب تجارةٍ و مالٍ ، و قد اكتسب المال من خبرته التّجارية الواسعة و حذاقته في إتمام صفقات البيع و الشّراء ، و قد كان عثمان رضي الله عنه حاله كحال الكثيرين من أصحاب الخلق قبل الجاهليّة ينشدون الحقّ في كلّ شيءٍ ، فلمّا جاء النّبي محمّد صلّى الله عليه و سلمّ برسالة الإسلام آمن به عددٌ من الرّجال و كان من بينهم عثمان رضي الله عنه حيث دعاه إلى الإيمان سيّدنا أبو بكر الصّديق رضي الله عنه ، فلمّا عرف دين التّوحيد انشرح صدره و آمن فكان رضي الله عنه من السّابقين ، و قد هاجر سيّدنا عثمان إلى الحبشة مرّتين حين اشتدّ الأذى و الضّيق بالمسلمين ، و دعا النّبي صلّى الله عليه و سلّم المسلمين للهجرة لأنّ في الحبشة حينئذٍ حاكمٌ صالحٌ لا يظلم النّاس عنده ، و بعد ذلك هاجر عثمان رضي الله عنه إلى المدينة ، و قد تزوج عثمان من رقية بنت النّبي صلّى الله عليه و سلّم ، و بعد أن توفّت تزوّج اختها أم كلثوم لذلك سمّي بذي النّورين .
و قد ساهم عثمان رضي الله عنه اسهاماً كبيراً في دعم المسلمين بالمال ، فقد بذل الكثير من ماله في سبيل الله و من أجل المسلمين ، فقد اشترى بئر معونة حين قدم المسلمون للمدينة و وجدوا أنّ صاحب البئر يبيع الماء فاشتدّ الأمر عليهم و شقّ حتى جاء عثمان فبذل ماله لشرائه ، و قد جهّز عثمان رضي الله عنه ثلث جيش العسرة يوم عزة تبوك حتى فرح النّبي و المسلمون فرحاً شديداً بذلك ، و قال النّبي صلّى الله عليه و سلّم ما ضرّ عثمان ما فعل بعد ذلك ، و قد حصلت فتنةٌ بين المسلمين في أواخر عهده كانت نهايتها فاجعةً للمسلمين حيث قتل سيّدنا عثمان بسيف الباطل و الغدر فكان شهيداً شهدت الأرض و السّماء بصلاحه و تقواه .