من بين صحابة النّبي صلّى الله عليه و سلّم برز اسم الخلفاء الرّاشدين كنجومٍ في سماء تاريخ الأمّة الإسلاميّة ، فهم احسن وأفضل النّاس بعد النّبي الكريم ، و هم الذين أمر النّبي بالاقتداء بهم حيث قال ، عليكم بسنّتي و سنّة الخلفاء الرّاشدين من بعدي ، عضّوا عليها بالنّواجذ ، و هم المنارات التي يستضاء بها في ظلمات الحياة و دياجير تقلّباتها ، و هم المبشّرون بالجنّة الذين رضي الله عنه و رضوا عنه ، قد امتاز كلّ منهم بمزيّةٍ خاصّةٍ خلّدت اسمه في التّاريخ ، فمنهم من تميّز بالتّقوى و الشّدّة في الحقّ كعمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، و قد مدحه النبي الكريم في مواطن كثيرةٍ ، فهو الذي وافق ربّه في ما هى اسباب نزول الآيات ثلاث مراتٍ ، و قال عنه النّبي لو كان بعد نبي لكان عمر ، و في الحديث الآخر أنّه كان من قبلكم محدّثون فإن يكن في أمّتي فعمر ، و هو الذي يفرّ منه الشّيطان خائفاً وجلاً ، و سيّدنا أبو بكر الصّديق رضي الله عنه الذي تميّز بالشّدة على المنافقين و المرتدّين حيث حاربهم حتى أذعنوا لأمر الله ، و هو من قبل صاحب رسول الله في الهجرة ، الذي صدقه و صدّقه فسمّي بالصّديق لاجل ذلك ، و هناك سيّدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي تميّز بالإنفاق و البذل و العطاء حتى قال عنه النّبي يوماً حين جهّز ثلث جيش العسرة يوم تبوك ما ضرّ عثمان ما فعل بعد ذلك ، و أخيراً إمام الزهد و الورع و العلم و الشّجاعة سيّدنا علي بن أبي طالب بطل المعارك و أسد المنابر و بليغها ، صاحب سيف رسول الله الذي فلق به هامة المشركين .
و قد سمّي الخلفاء الرّاشدون بهذا الإسم بسبب ما روي عن النّبي صلّى الله عليه و سلّم في ذلك من اطلاق صفة الرّشد عليهم و على فترة حكمهم ، كما أنّ سبب تسميتهم بهذا الاسم حكمهم بكتاب الله سبحانه و اتباعهم سنّة النّبي الكريم عليه الصّلاة و السّلام بحذافيرها بدون اتباع هوى أو حبّ للمنصب ، و قد اختارتهم جموع الأمّة آنذاك اختياراً حراً و عن قناعةٍ و رضى كامل لأنّهم خير النّاس بعد رسول الله .