المقصود بالحصار هو تضييق الخناق على المُحاصر ومنعه من الدخول أو الخروج من الحيز المُحاصر فيه ، ومنع كافة عناصر الحياة الضرورية من أن تصل إليه ، كالماء والغذاء والدواء وغيرها ، من أجل خضوعه واستسلامه لشروط الذي يحاصره .
وقد قيل أن أطول حصار في التاريخ هو حصار البابليون بقيادة ملكهم المعروف نبوخذ نصر لمدينة صور الكنعانية في لبنان ، حيث دام حصاره للمدينة ولهم مدة ثلاثة عشر سنة ولكنه عجز عن دخولها ، وبقيت عصية عليه ولم تستسلم له أو لشروطه ، وقد حدث هذا في القرن السادس قبل الميلاد ولم تعرف البشرية حصاراً صريحاً مباشراً طال كل هذه المدّة مثله .
ولكن هناك حصار مقنّع يتراوح في اتّخاذ شكلين عبر الأيام ،حيث يتخذ شكل الحصار المباشر في بعض الأوقات ، فيغير من شكله ليستمر في اتخاذ شكله غير المباشر والذي لا يقل وطأة وإذلالاً وقسوة عن شكله الأول ، وهو الحصار الحديث من قبل الكيان الصهيوني لشعب فلسطين ولمدينة غزة على سبيل التخصيص ، وهذا الحصار ابتدأ منذ قيام الإنتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى وما أفرزته من نتائج كارثية على العرب خصوصاً والفلسطينيين خصوصاً ، فكان هناك مؤتمر بازل الصهيوني الذي ارتأى أرض فلسطين وطنا قوميا لليهود ، وعززه وعد بلفور لهم بقيام هذا الوطن على أنقاض شعب موجود ولا زال محاصراً منذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا .
فهذا الحصار الصهيوني ، والمستمر عقب الحرب العالمية الأولى وبمساعدة بريطانيا ومن بعدها أمريكا وبالتعاون مع صهاينة العرب لأكثر من مائة عام حتى الآن ، يمنع الحركة والتنقل عن الشعب الفلسطيني ، ويمنع عنه مصادر الحصول على الماء ، ويمنع عنه الأرض أصل الغذاء ويمنع عنه طرق ووسائل الحصول على الدواء ويعزز فيه ما هى اسباب حدوث الدّاء ، ويمنع عنه حرية الحركة والتنقل في أمان فيمنع بذلك عنه وسائل الحصول على التعليم والتطور من أجل تدجينه والسيطرة عليه ، ويقوم بذلك بشكل مقنّع وغير مباشر وخبيث في كثير من الأحيان ، وأحياناً يسفر عن وجهه الحقيقي بحصار سافر وسافل واستبدادي لفرض الركوع والخضوع على شعب الجبارين ، ولكن هيهات .