من سنن الله تعالى في الكون أنّ الأمم والحضارات والدّول الكبرى وفي قمّة تطوّرها وازدهارها تباغتها عوامل متعدّدة تسبّب سقوطها وأفول شمسها، وقد بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّ الخلافة بعده تكون خلافةً على منهاج النّبوة ثمّ تكون ملكاً عاضّاً، وقد حدث ذلك وتحقّق حين أتت فترة الخلفاء الرّاشدين حيث استمرت ما يقارب ثمانون سنة، ثمّ جاءت بعدها الدّولة الأمويّة وكان أوّل ملوكها معاوية بن أبي سفيان الذي أسّس لهذه الدّولة وجعل نظام الحكم فيها نظاماً ملكيّاً وراثيّاً حيث يتداول الحكم خلفاء من بني أمية، وبالتّالي أصبح الحكم حكراً على بني أمية دون غيرهم من النّاس من بعد أن كان نظام الحكم نظاماً يعتمد على الشّورى في اختيار الحاكم، وقد استمرت الدّولة على هذا الحال حتى أتت الدّولة العباسيّة التي قضت على حكم الدّولة الأمويّة وأطلقت رصاصة الرّحمة عليها ، وإنّ هناك بلا شكّ عدداً من الما هى اسباب التي أدّت إلى سقوط الدّولة الأمويّة نلخصها فيما يلي :
- ابتعاد الدّولة الأمويّة عن المنهج الإسلامي الصّحيح في الحكم، فعلى الرّغم من أنّ الحكم حرص على إقامة شعائر الدّين والحدود وغيرها، كما حرص على استمرار إرسال الجيوش الإسلاميّة من أجل فتح البلدان ونشر الدّين، إلا أنّ منهج الحكم كان يعتمد على البطش في أحيانٍ كثيرةٍ وخاصّة مع المعارضين، وقد تجلّى ذلك على يد أحد الولاة وهو الحجّاج بن يوسف الثّقفي الذي اشتهر عنه البطش وسفك الدّماء، وقد قتل الحجّاج أحد التّابعين وهو العالم سعيد بن جبير، وقد كان أسلوب البطش المعتمد لمحاربة الخارجين على الدّولة من أهمّ الما هى اسباب التي أدّت إلى سقوط الدّولة الأمويّة .
- المظالم التي كثرت في عهد الأموييّن، وبعد أن كان النّاس يدخلون على الحاكم بدون أن تكون بينهم وبينه حاجز، جاء الخلفاء الأمويّين ليتّخذوا الحجاب بينهم وبين النّاس، فاتسعت الفجوة بين هؤلاء الخلفاء والنّاس حتى أغفل الخلفاء حقوق النّاس وانشغلوا بالحكم وأطماع السّيطرة على الكرسي، ودبّت الخلافات فيما بينهم وحين انتزع الخلافة الوليد بن يزيد كان حكمه القشّة التي قصمت ظهر البعير، حيث أظهر الخلاعة والمجون والانغماس في الشّهوات، ثمّ جاء بعده آخر الخلفاء الأمويّين وهو مروان بن الحكم الذي بقتله ختمت حياة تلك الدّولة، لتأتي بعدها الدّولة العباسيّة التي استغلت الخلافات التي دبّت في أوصال الدّولة الأمويّة وخرجت بثورةٍ عارمةٍ على الحكم انتهت بسيطرتها عليه .
