كان الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم قد حجّ حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة النبوية الشريفة، والتي أكّد فيها على الوصايا التي يتوجّب على كافة المسلمين اتباعها، والتي تركّزت في الوصايا الأخلاقيّة الهامّة؛ حيث أكّد على حرمة القتل، كما وأكّد على أهميّة احترام النساء وتوقيرهنّ، وأكّد على حقوق كلّ واحدٍ من الزوجين على الآخر، وغير ذلك الكثير. كما ونزلت الآية الكريمة " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ". وهذه الحجّة سمّيت بحجّة الوداع؛ لأنّ هذه الحجة كانت بمثابة الوداع للمسلمين؛ حيث إنّ رسول الله الأعظم كان قد توفّي بعد هذه الحجّة مباشرةً بعدما عاد إلى المدينة المنورة.
وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
بدأت أعراض المرض وعلامات و دلائل دنو الأجل تظهر على رسولنا الأعظم – صلى الله عليه وسلم – في الأيام الأخيرة من شهر صفر من السنة الحادية عشر من الهجرة النبويّة الشريفة، فكان من شدّة ألمه يُغمى عليه باستمرار في الأيّام الأخيرة من حياته المباركة؛ حيث استأذن باقي زوجاته في أن يتلقّى العلاج و دواء بعد مرضه في بيت زوجته عائشة بنت الصدّيق – رضي الله عنهما -.
خرج رسول الله الأعظم على الناس يوماً من الأيّام وهو يعصب رأسه بعصابة من شدّة الصداع الذي أصابه، فجلس على المنبر وأعاد عليهم وصاياه، وأعاد تأكيد ما كان يدعو إليه من خيرٍ ورحمةٍ وبر، كما ودعا إلى إخراج جيش أسامة بن زيد في مهمّته الّتي وضعها رسول الله لأجله، وهي حرب الرّوم المعتدين في فلسطين. وكلّما زاره الصحابة في بيته كان يدعو لهم أن يثبّتهم الله تعالى ويهديهم سواء السبيل، وأن يعلي من شأنهم، وأن يوفّقهم الله تعالى ويكون معهم. كما أمر الرّسول الأعظم صاحبه الصديق في أن يؤمّ الناس في الصلاة.
كانت وفاته - صلّى الله عليه وسلم - في يوم الإثنين في شهر ربيع الأوّل من السنة الحادية عشرة للهجرة النبوية الشريفة ( الثامن من يونيو من العام 632 ميلادية)، وكان عمره عليه الصلاة والسلام حين وفاته 63 عاماً، وقد مات في حجر أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وقد أظلمت المدينة في ذلك الوقت، فلم يعد الناس يُعرفون من شدّة الحزن الشديد عليه، فهو من كان يملأ عليهم حياتهم، وهو الّذي به كانت الأرض تتّصل بالسماء، فلا وحيٌ يؤيّده ويؤيّدهم بعد وفاته الشريفة، فقد حان وقت اعتماد الإنسان على نفسه، وبدأت فترة خلافته على الأرض.