حقوق الانسان ، لاشك في أن هذا المصطلح حديث النشاة عند االقانونيين ، وإن كانت الحقوق قديمة قدم الانسان ، و حتى تكون الدراسة لهذا المصطلح و المفهوم وتعريف ومعنى واضحة المعالم محدودة النطاق ،و نظراً لاتساع نطاق الحقوق في الشريعة الإسلامية فإننا سنقف على تحديد مدلول حقوق الإنسان، ضمن القوانين الوضعية و تقسيماتها.
يرى غالبية فقهاء القانون الدستوري الأوروبي و العربي أن حقوق الإنسان تعرف على ما هى إلا اصطلاح جديد يغطي ما يعرف باسم لحقوق و الحريات العامة ، بمعنى أن حقوق الإنسان هي اصطلاح مرادف لتعرف ما هو معروف في القانون الدستوري بالحقوق و الحريات العامة ، و هذا يستوجب منا تحديد مفهوم وتعريف ومعنى الحقوق و الحريات العامة .
حيث أنه يختلف تحديد مدلول الحقوق و الحريات العامة بإختلاف النظريا ت والفلسفات السائدة في الفقه الوضعي ، وتطورها، و ذلك لاختلافهم حول أصل نشأة هذه الحقوق ، ومصدرها فنجد أصحاب النظرية الفردية أو الحريات الفردية أطلقوا العنان للحرية الفردية لتمارس عملها بعيدا عن تدخل السلطات ، و يحظر على السلطة المساس بهذه الحقوق و تلك الحريات ، و كل ما يمكنها القيام به هو تنظيم وسائل استعمال هذه الحقوق و الحريات من أجل حمايتها و الحفاظ عليها أي أنه يقع على الدولة التزام سلبي ،فهي مجرد حارسة للحقوق و الحريات ، بمعنى أن الدولة لا يجب أن تتدخل بالحياة الاقتصادية و أن الحرية الاقتصادية الفردية ستحقق الصالح العام.
ومن هذا المنطلق ذكر أنصار هذه النظرية تعريف ومعنى الحرية العامة بما يؤكد المعنى السابق بيانه فقالوا : أن الحريات العامة هي مكنات متاحة لاختيار أفراد الشعب ضمن نظام ما ، فهم يمارسونها او يتمتعون بفوائدها بإرادة طليقة من أي قيد و خالصة من اي ضعط أو غش أو إكراه .
وأما انصار النظرية الاشتراكية ، فعلى عكس النظرية الفردية ، التي تقدس الفرد و تطلق حريته و تسمو بها على مصلحة الجماعة ، ولا ينظرون للفرد الا بإعتباره فرد في جماعة ، تحكمه و تحميه ، و تنظم قدراته و طاقاته و تسخرها لخدمة الصالح العام ، فهذه النظرية تعطي للدولة دورا ايجابيا يمنحها التدخل للحد من استغلال الحريات الفردية و تلقي على عاتقها تحقيق العدالة الاجتماعية بين الافراد ، و ذلك بالتدخل بتنظيم الملكية و ادارة المشروعات الانتاجية العامة و بناء المجتمع على نظام اقتصادي موجه ، فأصبحت الحقوق و الحريات العامة من وحهة نظر الاشتراكية تعرف على ما هى الا "مجرد قدرات و منح يرخص بها القانون للأفراد من خلال تصوره الصالح الجماعي.
وبهذا نرى أن جميع الشرائع و الفلسفات و النظريات الوضعية على اتفاق بوجوب احترام الحقوق و الحريات العامة للأفراد ، الا أنها تختلف حول مضمون هذه الحقوق من مجتمع لاخر ، و زمن لاخر لاختلاف الأفكار و الفلسفات السائدة بالدول .