العنف ضد المرأة
عِندما يتحدّث العالَم عن حُقوق الإنسان في هذا العصر ويُنادي بضرورة حِفظ الكرامة الإنسانيّة وتطبيق القوانين التي تكفل الحُقوق للنّاس على اختلافهِم سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو شيوخاً أو صِغاراً، نجد أنَّ الإسلام قد سبقهُم جميعاً إلى هذا الأمر، فقد رعىَ الدينُ الإسلاميّ مصالح البشر وحُقوقهم وأعطى كُلَّ ذي حقّ حقّه، وفي هذا المقال سنتحدّث عن أبرز هذهِ الحُقوق والتي تتعلّق بالمرأة، وهي حمايتها وعدم التعرّض لها بالأذى أو أي نوع من أنواع العُنف.
العنف ضد المرأة في الإسلام
اعتنى الإسلام بحُقوق المرأة بصفتها شريكة للرجل وصانعة للحضارات والأجيال، فهيَ أمّ وأخت وابنه وزوجة، والمطّلع على وضع المرأة في الإسلام، يجد أنّه يُعنى بها منذ لحظة ولادتها وحتّى وفاتها، ففي الجاهليّة وقبلَ مجيء الإسلام كانَ العرب يدفنون الإناث وهُنَّ أحياء خشيةَ العار الذي قد تأتي بهِ البنت حينما تبلغ، فكانَ قتلها سُنّةً دارجةَ عندَ العرب قبلَ الإسلام، وهوَ ما سمّي بالوأد.
جاءَ الإسلامَ وبيّن فظاعة هذهِ الجريمة التي تُرتكب بحقّ الأنثى التي لا ذنبَ لها، حيث قال تعالى: "فإذا المؤودة سُئِلت بأي ذنبٍ قُتلَت"، إذ كانَ ردّاً على جريمة هؤلاء الناس ببناتِهم، وكيفَ أن لا حقّ لهُم بذلك الفعل، وهذهِ هيَ النُقطة الأولى والأهمّ في حماية المرأة من العُنف والذي استأصل الإسلام شأفتهُ منذُ البداية.
مِن الأدلّة على أهميّة المرأة وتجريم العُنف تِجاهها هوَ إيلاء المرأة في الإسلام المكانة الرفيعة، حيث تطرّق الإسلام من خِلال النُصوص الشرعيّة الواردة في القُرآن الكريم والسُنّة النبويّة الشريفة إلى الحديث عن أهميّة المرأة خُصوصاً الزوجة، فقد وصفَ الله الزوجة بأنّها سببٌ لحُصول الهُدوء، والسعادة، ومصدر للطمأنينة القلبيّة، فقد قالَ الله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، ونُلاحظ من خِلال الآيةِ الكريمة أنَّ الله تعالى قد بيّن أهميّة وجود الرحمة والمودّة بينَ الزوجين، وهيَ نقيض العُنف والأذى وعدم الاحترام.
تتضّح أيضاً معالم احترامِ المرأة وعدم العُنف إذا نظرنا إلى حياةِ النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام مع نسائه، حيث نجد أنّهُ قد ضربَ أروعَ الأمثلة في فنّ التعامل الراقي مع المرأة، والذي سبقَ بهِ كُلّ دعاة ما يُسمّى بالإتيكيت وذوق التعامل مع الآخر، فقد كانَ عليهِ الصلاةُ والسلام يصفُ النساء بالقوارير وهي دليل الرقّة والنعومة عندَ المرأة، وهذا يدفع الرجل للتعامل معها برقّة حتّى لا تُكسَر ولا تُخدش.
من المواقف النبويّة الكثيرة مع النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام مع نسائه حينَ بكت زوجتهُ صفيّة رضيَ الله عنها ذاتَ يوم حينَ بركَ جملها فقامَ إليها عليهِ الصلاةُ والسلام فمسحَ دمعها بيديه وجلسَ معها وهوَ بينَ جيشٍ جرّار وسفر، فلم يُسفّه بُكاءها ولم يُحقّرها بل اهتمّ بمشاعرها، وهذا قمّة الرقيّ في تعامل الرجل مع زوجته، وبالتالي فليسَ للعنف سبيل إلى المرأة في ظلّ وجود التعاليم الإسلاميّة الرفيعة، التي تحفظ كرامة المرأة وتصون حوزتها وترفع من شأنها.