إن المبصر المحترف هو مشروع لمصوّر محترف إذا شاء ، فالمبصر المحترف يمتلك إحساساً عالياً بالأشياء ، والمصوّر المحترف كذلك ، والمبصر والمشاهد المحترف يحتفظ بتفاصيل ودقّة ما يراه في ذاكرته ، ولكنها ذاكرة لا يراها أحد سواه ، ومعرّضة للإنكماش والتّلاشي بمرور الزمن ، أما المصوّر المحترف فلديه الفرصة والإمكانيّة ليحفظ ما يلاحظه في ذاكرته وفي ذاكرة الكاميرا التي لا تهرم ولا تزول ، بالإضافة إلى أنه يمتلك القدرة ليطّلع عليها من يشاء في اى وقت ، ماذا تفعل للإنتقال من كونك مشاهداً ومبصراً محترفاً ، لتصبح بالإضافة إلى ذلك مصوراً محترفاً أيضاً ؟
1.الكاميرا تشبه العين البشريّة ، فالعين البشريّة يتوسّع بؤبؤها في الظّلام لتستمد وتحصل على أكثر ما تستطيعه من الضوء القليل حولها ، ويضيق بؤبؤها في ضوء النهار الشّديد ، حتى يتم التّقليل من الضّوء الكبير الزّائد الذي سيشوّه معالم الصّورة والرّؤيا ، وكذلك تفعل الكاميرا ، ففيها آليّة لتضييق أو توسيع عدستها حسب الحاجة والظرف للحصول على الضوء اللازم بقدر محدّد يحفظ معالم الصّورة من التشويه أو التعتيم ، فلكي تصبح مصوراً محترفاً عليك أن تفهم وتعي وتتمكّن من استخدام هذه الآليّة الموجودة فيها .
2.ومن خلال نفس المنطق الذي يشبه عينك بالكاميرا ، فعليك أن تعرف كيف تضبط وتحدّد معالم الشيء الذي تريد التّركيز عليه ، فأنت حينما تنظر بعينك المجرّدة إلى عصفور ما فوق غصن شجرة ، فأنت ترى تفاصيله أكثر مما ترى تفاصيل الأشياء التي تحيط به ، وعينك تفعل ذلك تلقائيّاً ، أما الكاميرا فتحتاج معرفتك لخاصيّة فيها تتعلّق بالتّركيز على شيء ما أكثر من سواه ، وتمتلك خاصيّة إبراز كل التفاصيل الموجودة داخل الكادر إذا ما شئت ذلك ، إذن فالمصوّر المحترف لديه إلمام تام بالتحكّم في خاصيّة التّركيز على جزء من المشهد أو التركيز على المشهد بأكمله .
3.الإلمام الكامل بخاصيّة التّقريب والتّبعيد ، فالمصوّر المحترف لا يتعامل مع الكاميرا على أنها عين ثابتة ، بل يستغل خاصيّة التحكّم في المسافات الموجودة فيها على أكمل واجمل وافضل وجه .