تتعجّب أحياناً كثيرةً حين تقرأ في الصّحف و المجلّات أخباراً عن أناسٍ يغالون في مهور بناتهن فيطلب الآلاف لتزويجها و ما علم هؤلاء أنّ سيّدة نساء العالمين فاطمة الزّهراء رضي الله عنها قد تزوّجت علياً رضي الله عنه و لم يكن يملك شيئاً سوى تقوى الله سبحانه ، فالمعيار إذن في تزويج النّساء هو التّقوى و الصّلاح التي يملكها الشّاب المتقدّم لخطبة المرأة ، فالمال و الجمال و الجاه و السّلطان هما من مغريات الدّنيا و زينتها ، و ما تصنع المرأة إذا ذهب ذلك كلّه و بقي الفرد على حاله ، فمن أرادت الله و الدّار الآخرة فلتضع هدفها و غايتها في أن تنال زوجاً صالحاً ترضاه في دينه و خلقه ، و قد حثّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم على تزويج النّساء من الرّجال الصّالحين و حذّر من فتنةٍ في الأرض و فسادٍ كبيرٍ إذا سلك النّاس غير هذا المسلك و طمعوا في المال و الجاه ، و هذا للأسف ما نشهده و نراه واقعاً ملموساً في حياتنا من انتشار المنكرات و الفساد الأخلاقيّ الذي جاء نتيجة بعدنا عن ديننا و شريعة ربّنا التي لم تغفل شيئاً من أمور الحياة إلا و وضعت له الأحكام المناسبة و لا أغفلت جروحاً حتى وضعت لها التّرياق الشّاف .
و حفظ الأعراض من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة و لا ريب بأنّ الزّواج وفق سنّة الله و رسوله يحقّق هذا المقصد ، فعلى ولي الأمر أن يشجّع أبناءه الشّباب على حسن اختيار المرأة الصّالحة و كذلك يشجّع بناته على الرّضا بالزّوج الصّالح الملتزم بدين الله ، و أن لا يغالوا في المهور و إنما يرضون بالقليل فربّ قليلٍ تحصل فيه البركه ، و ربّ كثيرٍ يحصل فيه التّنازع و الشّقاق .
و هناك مسؤولية تقع على المجتمع في تيسير أمور الزّواج بين الشّباب بإنشاء صناديق الزّواج لتزويج العازبين و العازبات في صورةٍ من صور التّكافل المجتمعي ، و نحن نرى في وقتنا المعاصر جمعياتٍ للعفاف تقيم حفلات الزّواج الجماعيّ للشّباب لتخفيض كلفة الزّواج عليهم و هناك بنوكٌ إسلاميّةٌ تقدّم قروضاً حسنةً ميسّرة للشّباب المقبلين على الزّواج ، و على الدولة كذلك مسؤوليّةٌ كبيرةٌ في رعاية الشّباب و احتضانهم و تقديم السّكن الملائم لهم فلا يخفى على أحدٍ كيف أصبحت مشكلة تأمين السّكن المناسب مشكلة تؤرّق بال الكثير من الشّباب و تصرفهم عن التّفكير في الزّواج و إعفاف النّفس .