تتدرّج مراحل عمر الإنسان من طفل إلى شاب إلى كهل وفق سنوات متتابعة، فتعتمد كلّ مرحلّة على المرحلة السّابقة لها، لتشكّل تكاملاً ليس منفصلاً فيما بينها، وتكون بذلك أحداثها غير منفصلة عمّا سبق، بل تكون كل مرحلة جديدة مزيّدة ومضافاً إليها خبرات المراحل السّابقة والتجارب.
لن تكون أيّ مرحلة عمريّة خاليّة من التحديّات والمشاكل، بل على العكس، فإنّ الصعوبات وتزيد من صلاة الإنسان وقوّته، إلّا أنّ مرحلة الشباب تتفرّد عن غيرها وتتميّز، ففيها تكون الانطلاقة الحقيقيّة للحياة، إنّها مرحلة رفع السلطة الأسرويّة عن الشخص، ليكون فرداً ذو شخصيّة تتّصف بالاستقلاليّة، لنجده يسعى إلى الانفتاح، قائماً بعلاقات اجتماعيّة خارج نطاق العائلة، وهنا تتشكّل المعارف الجديدة للشاب وبالتّالي نجد أن مفهوم وتعريف ومعنى (الشلّة) هو أوّل نوع من العلاقات الخارجيّة بالنسبة للشباب.
تأتي أهميّة مرحلة الشباب إلى أنّها فترة النمو الكامل، والنضوج التّام المكتمل، إن كان جسمياً أم فكريّاً، ويطلق عليها البعض بـ (الفترة الذهبيّة)، لأنّها مرحلة الحريّة والخلوّ من المسؤوليّات، وهي مرحلة الاجمل وافضل والأزهى بالنسبة للإنسان، فنجده طليقاً عند الأغلب، خالياً من الارتباطات أو المشاغل، مستمتعاً بحياته وبالأحداث التي تواجهه برغم تقلّباتها الكثيرة، كما أنّ مرحلة الشباب هي بالنسبة لكل لإنسان الأعظم والتي لا يمكن له أن ينسى تفاصيلها.
كلمة شباب جاء من (شب) والتي تعني الاشتعال، وما هذه المرحلة إلّا اشتعال بالطّاقة، والنضوج، وحبّ السهر، والمرح، والرياضة، والتهوّر، والسعي وراء التجارب، فنجد بأنّ لهذا العمر لغة خاصّة يتعاطاها الشباب فيما بينهم ومصطلحات تكاد تفهم فيما بينهم عن طريق الهمس أحياناً.
تأتي أهميّة مرحلة الشباب أيضاً، من التجدد الذي يسعى إليه الإنسان في هذا السن، ويبدو هذا التجدد ملحوظاً من خلال الاهتمام بشكله ومظهره الخارجي، فهو دائماً ما تثيره الموضة الحديثة، وما ينجم عنها من ثياب أو قصّات شعر، أو حتّى إكسسوارات، لتصل إلى الميول الفنيّة من حيث انتقائهم لأنواع موسيقا مختلفة، وعادة ما تكون ممتلئة بالحركة والحيويّة.
مرحلة الشباب هي عماد الأوطان، والتي بها يبنى الوطن، ولا يذود عنّه إلّا شبابه، الحامين له والمدافعين عن ترابه، فالشباب هم ثروة حقيقيّة بشريّة، تدفع دائماً بعجلة الحياة نحو الأمام، لأنّها تمتلك الحيويّة والنشاط، مع محبّة خالصة بالحياة وللحياة، وقد حدّد بعض الدارسين والباحثين، على أنّ العمر الذي يعتبر به الإنسان شاباً هو، 21 عند الذكور، و 18 عند الإناث، إلّا أنّنا نجد – وخاصّة في بلادنا العربيّة – أنّ مرحلة الشباب تظهر مبكراً في مجتمعاتنا، ونلمحها جيداً من خلال محاولة أبنائنا لإثبات وجودهم بأقوالهم وأفعالهم أيضاً، ونجد أنّ هيئة الأمم المتّحدة قد حدّدت الفئة العمرية التي تعرف بمرحلة الشباب، هي بين 15 عاماً والـ 24 عاماً.
إنّ أهميّة مرحلة الشباب في التميّز، حيث نجد أنّ معظم الحاصلين على أرقام قياسية أو إبداعيّة أو حتّى أعمال خارقة لم تأتِ إلّا في هذه المرحلة، فبارك الله بالشباب وللشباب.