شخّص العلماء مرض التّوحد كواحد من الإعاقات الذّهنيّة أو الاضطرابات النّفسيّة التي تصيب الإنسان وتظهر في المراحل الأولى من عمره على شكل سلوكيّات انعزاليّة تؤثّر على تفاعله مع محيطه الخارجيّ، ويطلق على مرض التّوحد أيضاً متلازمة أسبرغر نسبةً إلى العالم النمساوي الذي قام ولأول مرّة عام 1944 بفحص وتشخيص مرض التّوحد وبيان أعراضه بشكلٍ دقيق، ويقدّر العلماء نسبة الإصابة بمرض التّوحد بحوالي اثنتي عشرة حتى عشرين إصابةً وذلك من بين ألف مولود جديد، وتتضاعف نسبة الإصابة بهذا المرض عند الأطفال الذكور مقارنةً بالإناث من الأطفال.
وقد قام العلماء بإجراء بحوثٍ طبيّة حثيثة للتّوصل إلى ما هى اسباب هذا المرض ولكن بدون الوصول إلى سبب حقيقي وواضح له، فمنهم من عزى الإصابة فيه إلى عوامل بيولوجيّة ومنهم من عزاها إلى عوامل كيميائيّة حيث يسبّبه تناول أدوية معيّنة من قبل الحامل أثناء الحمل، أو تعرضها لنوعٍ من الالتهابات أو الأمراض، ومنهم من أرجعه إلى سبب جيني بدون التّوصل إلى نوع الجين المسؤول عن ذلك، وتبقى الحيرة تشغل عقول العلماء في تحديد المسبّب الحقيقي لهذا المرض العصبيّ الغريب الذي بدأ بالانتشار بشكلٍ واضح في مجتمعاتنا حتّى أصبحت هناك مراكز متخصّصة بمعالجة المصابين بهذا المرض عبر العالم.
يمكن فحص وتشخيص وجود مرض التّوحد عند الأطفال مبكرًا أو عند بلوغهم سن ثلاث سنوات، حيث تتّضح تلك الأعراض وتظهر بشكلٍ كبير، وإذا أردنا أن نذكر أعراض الإصابة بهذا المرض بصورة مجملة نقول: إنّ أعراض مرض التّوحد تظهر من خلال التّشخيص والمراقبة للطّفل في مراحله الأولى، وغالبًا يكون الطفل قليل التّفاعل مع أبويّه بحيث لا يطلب ما يطلبه الطّفل في العادة من حمل أو عناق، كما ولا يبدي تفاعلًا مع الكلام الموجّه إليه من قبل الأبوين، وترى حواسه البصريّه مقصورة على أشياء معيّنة، ولا يحبّذ طفل التّوحد النّظر في عيون الآخرين ولا يتفاعل معها، كما أنّه يفتقر إلى التّخيل في سلوكه بحيث تراه يتعامل مع الأدوات والألعاب بصورةٍ رتيبة غير معبّرة خلافًا لما قد يفعله الأطفال الأسوياء، حيث يتخيّلون أنّهم يحلّقون بطائرتهم الصّغيره في السّماء مثلاً، بينما ترى طفل التّوحد يكتفي بلمس الطّائرة أو العبث بها أو تحريكها تحريكاً بسيطاً يمنةً أو يسرة، إلى جانب ظهور بعض من الردّات الانفعالية أحياناً عند طفل التّوحد، حيث قد تكون له ردّات انفعاليّة مبالغ فيها أو عدم استجابة مطلقًا، كما أنّ الطفل المصاب بالتّوحّد لا يحب التغيير في نمط محيطه وبيئته وقد يستفزّه ذلك بالغضب والصّراخ غير المبرّر.