لا يخفى على أحد منّا ذلك الصحابي الجليل الذي عرفه التاريخ وعرفته البشريّة بقوّة شخصيّته ، وهيبته ، وعظم ما قدم من خدمات للإسلام والمسلمين ،حيث عُرف زمنه بزمن الفتوحات الإسلامية .
إنّه الصحابي الجليل عمر بن الخطاب القرشي - رضي الله عنه - الملقّب بالفاروق ، وأمير المؤمنين، والمكنّى بأبي حفص ، وهو ثاني الخلفاء الرّاشدين ،و خليفةُ خليفةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و أحد أكبر وأشهر الشخصيّات الإسلامية التى عرفها التّاريخ الإسلامي ، كما أنه من أكثر الشخصيات تأثيرًا ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
أسلم الفاروق وهو في السّادسة والعشرين من شهر ذي الحجة من السّنة السادسة للبعثة ، دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - للإسلام ، فقال : "اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك " .
قصّة إسلامه معروفة ، حيث اختلفت الرّوايات في قصة إسلامه والرائج أنّه عندما وهم عمر - رضي الله عنه - بقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - همس أحد الأشخاص في أذنيه بأنّ أخته قد أسلمت و قد كان طريقه لقتله ، ذهب لمنزل أخته و أراد أن يبطش بها وبزوجها ، فقام بلطم وجهها، فردّت عليه بآيات من سورة طه ، قال تعالى : "طه ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ، ..." عندها تغيّرت شخصية عمر ورقّ قلبه لسماع القرآن ، وعندها أسلم و ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليشهر إسلامه أمامه .
في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- عُرف عن عمر بملازماً للنبي - صلى الله عليه وسلم- ومجالسه ، وكان يصلي خلفه ،كما أن رأي عمر - رضي الله عنه - في بعض الأحيان كان موافقاً للقرآن ، على سبيل المثال في قضيّة أسرى بدر جاء القرآن موافقاً لرأيه بقتل الأسرى ، كان إسلام عمر مصدر عزّة للمسلمين وذلّة للمشركين ، حيث غضب المشركين كثيراً عندما علموا بإسلامه .
قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم- : "لو كان نبيّاً بعدي لكنت أنت يا عمر" ، لِما كان له العديد من المواقف الجريئة والشجاعة التي زادت من الإسلام عزّاً ، كما أنّه كلّف بالقضاء في عهد أبي بكر الصديق.
تولّى الخلافة بعد وفاة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في جمادي الآخرة سنة 13هـ حيث كان في مرض أبي بكر من الستّة الذين ترشحوا للخلافة الراشدة ، بايعه المسلمون على الخلافة ، حيث أنه كان الأجدر بها بعد أبي بكر الصديق - رضي .الله عنهما - .
اشتهر بكثرة عدله وإنصافه بين النّاس - مع المسلمين وغير المسلمين - وكان عصره من أزهى العصور التى مرّت بها الدولة الإسلاميّة لسِعة عدله ، وجل تواضعه ، وهيبته أمام النّاس، وكثرة زهده ، وكان يتفقد رعيّته ليلاً نهاراً يالبحث عن الجائع والمحتاج .
فتحت في عهده مصر ، و الشام ، والعراق ، وبلاد فارس ،وليبيا ، و دخل القدس وهو أوّل من وضعها تحت حكم الإسلام .
توفي عمر في سن الثّالث والستين ، بعد عهد مليء بالعدل والازدهار سنه 23 هجري ، دفن بجانب أبي بكر - رضي الله عنه - والنبي - صلى الله عليه وسلم-رحمك الله يا عمر.