أبو عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي، صحابي جليل وأحد أكثر رواة الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والإمام علي (عليه السلام)، وفاطمة الزهراء (عليها السلام)، يعد أحد أعلام القرن الأول الهجري، فقد ولد قبل الهجرة بخمسة عشر سنة، وهو من قبيلة الخزرج، و أحد السابقين إلى الإسلام، مات في عام 74 هـ في عهد عبد الملك بن مروان، وقد أطال الله في عمره حتى كاد أن يبلغ من العمر قرناً كاملاً من الزمن، حيث كان يبلغ من العمر 94 عاماً عندما دفن في البقيع.
هدى الله قلب جابر الأنصاري، و كان من الذين أنار قلبهم بالإيمان، وزين قلبهم لحب الإسلام، ولمس الإسلام قلبه عندما كان فتى صغير، وتوطدت علاقته بالرسول (صلى الله عليه و سلم)، تتلمذ جابر على يد الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما قدم للمدينة مهاجراً، وكان فخراً للمدرسة المحمدية؛ حيث كان من أفقه الناس، وأكثرهم ذكاءً، فقد أنعم الله عليه بحفظ كتاب الله عز وجل، وكان من أكثر الصحابة رواية للحديث النبوي وألّف مسنداً باسمه، يحوي بين دفتيه ألفاً وخمسمائة وأربعين حديثاً.
شهد جابر الأنصاري العديد من الغزوات، وهم سبعة عشر غزوة، لكنه تخلّف عن بدر؛ لأنه كان صغيراً، ولأنّ أباه أوصاه أن يبقى لحماية إخوته التسع؛ لأنّه كان الأكبر وأوصاه أباه أن لايشهد أحداً لكي يبقى لحماية إخوته، وعندما سمع خبر استشهاد أبيه، أطاع أبيه ولم يشهد الغزوة، شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صبي، وقد كان أصغر من شهد العقبة.
كان الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يتلهف للقاء الإمام باقر، حيث كان يجلس في مجالس العلم ويتحدث عن باقر العلم، فبينما كان جابر الأنصاري يتردد في طرق ووسائل المدينة، رأى الإمام باقر وأقبل يقبل رأسه ويوصل سلام الرسول (صلى الله عليه السلام) حيث قال له: (بأبي أنت وأمي، أبوك رسول الله يقرئك السلام).
أصيب جابر الأنصاري بأواخر عمره بالعمى، وسار إلى كربلاء لزيارة قبر الإمام حسين بصحبة عطية، واغتسل في ماء الفرات وتعطّر واتجه إلى القبر، وتحدّث بكلام يثير الحزن والأسى، ثم سلّم على باقي قبور الشهداء، وبينما كان يعود أدراجه قال لعطية:"أحب آل محمد ما أحبهم، وأبغض ما بغض آل محمد ما أبغضهم، وأنه كان صواماً قواماً".جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) عالم صحابي جليل، كان شخصية من الشخصيات التي سطّرها تاريخ الإسلام في بدايته، ومن الذن شاء لهم الله أن يحظوا بمكانة تبلغ من القدر الشيء الكثير، والإيمان الشيء الكثير، فهنيئاً له على هذا الأجر العظيم الذي أحظي به، وجمعنا وإياه والرسول (صلى الله عليه وسلم) في جنات الفردوس مع الأنبياء والصديقين والشهداء بإذن الله.