إنه لمن المؤلم أن نرى أنّ مستوى الثقافة العربية وقدرة الأجيال الحالية على فهم طبيعة هذه الثقافة التنويرية ،عند شعوبنا العربية قد بدأ يمر بحالة مخاض عسير ، بعد أن ظهرت بين مجتمعا تنا العربية ثقافات فرعيه،أو بالآحرى حالة غزو ثقافي ،وبعضها أصبح ظاهره للأسف ويشكل ظاهرة خطيرة تجتاح مجتمعنا العربي ،مثل الثقافة الغربية "بجانبها السلبي "، التي أصبحت تغزو عقول الكثير من الأجيال العربية ،وأخص هنا الأجيال الناشئة الجديدة وهذا يلاحظه الجميع من خلال سلوكهم ونمطهم التقليدي ...إلخ ،فقد تعددت اشكال ومظاهر تأثر الأجيال الناشئة بالثقافة الغربية "بجانبها السلبي ".
الآن قد تكون الما هى اسباب كثيرة لتدني مستوى الثقافة عند الشباب العربي بشكل خاص والمجتمع العربي بكامل مكوناته بشكل عام ، فالما هى اسباب كثيرة هنا ونذكر بعضها:
- الأسر العربية لم تقوم بدورها بشكل إيجابي بإطار زرع وترسيخ مفهوم وتعريف ومعنى الثقافة كفكر تنويري بعقول أبنائها، وساهمت بطريقة عفوية بنشر الثقافة الغربية " بجانبها السلبي " بعقول وسلوك أبنائها.
- نظام التعليم بالعالم العربي بمجمله هو نظام تلقين وليس نظام يرسخ فكرة الثقافة التنويرية بعقول الطلبة فلا حوار ولا نقاش، الهدف هو نقل المعلومة وحفظها دون ترسيخ المعلومة باطارها الايجابي بعقول الطلبه،مما ساهم للأسف ببحث الطلبه عن مفاهيم جديده لملئ حالة الفراغ الفكري والروحي التي يعيشون فيها، ووجدوا بالثقافة الغربية "بجانبها السلبي " ملاذ وملجئ لملئ حالة الفراغ الفكري والروحي عندهم.
- الإعلام العربي مازال يمارس دوره "السلبي " بترسيخ مفهوم وتعريف ومعنى جديد يؤّسس لتشكيل توجهات جديدة عند المجتمعات العربية ،ممايساعد على نشوء ثقافات فرعية بهذه المجتمعات ، تتعارض مع ثقافتنا العربية فكراً ومضموناً، مستغلاً حالة الفراغ الفكري والروحي عند النشئ الجديد وقد بدأ بملئ هذا الفراغ عندهم بزراعة الأفكار الظلامية بعقولهم والشواهد كثيرة على هذا.
قد تكون هذه الما هى اسباب من أكثر الما هى اسباب شيوعاً والتي ساهمت بشكل سلبي للأسف بترسيخ نشوء الثقافات الفرعية وأسست لحالة الغزو الثقافي بإدراك أحياناً وبعفوية بأحيان أخرى، وهنا عندما نحدد ثلاث أطراف رئيسية بهذه المعادلة وهي : 1.الأسرة. 2.الدولة. 3.ووسائل الإعلام.
فهؤلاء هم أنفسهم سبب بالمشكله وبنفس الوقت هم من يملكون الحل لها ،إذاً علينا هنا أن نالبحث عن حلول بالشراكة مع كل طرف من هذه الأطراف للوصول إلى حالة التغيير الإيجابي بمجتمعاتنا العربية بما يرسخ لاحقاً لإبراز الدورالتاريخي والحضاري للفكر التنويري لثقافتنا العربية.
ولنبدأ من هنا و من الأسرة فهي الكيان الأصيل التي تخرج مجموع الأجيال الناشئة وهي الراعي الاول لهم وهي من عليها ترسيخ مفهوم وتعريف ومعنى الفكر التنويري والثقافة العربية بعقول أبنائها والدور الذي يمكننا القيام به هنا هو دور بسيط ويستطيع أي شخص منا القيام به من موقعه فعلى الأغلب ان الجميع يعيش ضمن أسرة وله دور و تأثير ونتائج بهذه الأسرة ،ومن خلال هذا التأثير ونتائج يستطيع ان يزرع الفكر التنويري العربي بعقول الأجيال الناشئه الإخوه والأخوات الاهل أبناء العمومه ،....إلخ ،هؤلاء جميعاً هم هدف بمرحلة التغيير هذه ، فكلما نجح كل واحد فينا بترسيخ هذا المفهوم وتعريف ومعنى بعقول النشئ الجديد ،كلما ساهمنا أكثر بثقافة التغيير الإيجابي لإعادة الروح والهويه إلى ثقافتنا العربية التي تمر بمخاض عسير بهذه المرحلة.
الدور الثاني هو دور الدولة بنظامهاالرسمي بالعمل على تعديل رؤيتها لنوعية التعليم وأسلوب التعليم ،والانتهاء والتخلص من رواسب ثقافة "التلقين " إلى مفهوم وتعريف ومعنى جديد يؤسّس لمرحلة من النقاش والحوار حول مجمل القضايا التي نعيشها بعالمنا العربي بين الطالب ومعلمه ،فمن خلال ثقافة الحوار نستطيع أن ننشر الفكر التنويري بعقول الطلبه ،مما يعود بالفائده على الطلبه ويساهم بترسيخ الأفكار الإيجابية والوجدانية بعقول الطلبة ،ودورنا هنا يجب أن يكون دور مكمل لدور الدولة بهذا المجال ،من خلال عقد الورش والندوات الحواريه والفكريه بالتعاون مع المدارس والجامعات لتعريف ومعنى الشباب بثقافتهم وترسيخ مضمونها بعقولهم وتحسين الإيجابي منها ،وطر د السيء فيها ،من خلال حوارانا معهم ونقاشنا الإيجابي معهم بكل قضاياهم.
أما بالنسبة لدور وسائل الإعلام بكل وسائلها المرئية والمسموعة والمقروءة ،والعنصر الجديد فيها وهو عنصر التواصل الإجتماعي "الإعلام الإجتماعي "، فهي مازالت للأسف بمجموعها دون الطموح بل أصبح بعضها للأسف شريكاً بمشروع أجهاض الثقافة العربية بعقول وسلوكيات الأجيال الناشئة ،وإبدالها بمشروع جديد يرسخ لمفهوم وتعريف ومعنى "الغزو الثقافي بكافة سلبياته "، وهنا لا أريد التعميم ولكن للأسف أنّ الفئة الأكبر من وسائل الإعلام هذه أصبحت شريكاً بتعميم وتأسيس نمط ثقافي جديد ، يتعارض مع ثقافتنا العربية فكراً وأبعاداً مستقبلية وخلافيات تاريخية وتراث حضاري ،وهنا يكمن دورنا بتوضيح ونقل الصورة الحقيقية لوسائل الإعلام هذه لمجتمعنا العربي وإنتقادها بشكل علني وتوضيح حقيقتها للجميع ، ومحاولة إعادة توجيه بوصلة المجتمع لمكانها الصحيح ، وهو الإعلام الملتزم الحضاري الذي ما زال يحتفظ بعبقه وينتمي فكراً وأسلوباً وطرحاً لثقافتنا العربية ويسعى لترسيخ فكرها التنويري بعقول المستمع أو المشاهد أو القارئ ،وهنا علينا من خلال وسائل الإتصال الإجتماعي ،فيس بوك ،تويتر ،وغيرها ،أن نؤسس لحاله جديدة يكون أولى أهدافها النهوض بمشروعنا الثقافي العربي ،ومحاربة "الغزو الثقافي الغربي "السلبي " لمجتمعاتنا العربية وخصوصاً النشئ منه ،وكل واحد من موقعه وهنا للإنصاف هناك الكثير من المواقع والصفحات تهتم بهذا المجال وتضم النخبة من الشباب العربي وقد استطاعو بجهودهم الشخصيه صناعة التغيير ضمن نطاق عملهم الضيق ،وعلينا جميعاً أن نتبنّى تجربة هؤلاء كركيزه أساسيه بمشروعنا هذا لإحداث التغيير الإيجابي بمجتمعنا العربي.
وبالنهاية ،أدرك كما يدرك الجميع أنّ المرحلة صعبة ،ولكن السكوت عنها وتجاهل المشكله وعدم الالبحث عن حلول لها لعلاج و دواء هذه المشكله سوف يزيدها تعقيداً بالمستقبل ،وحينها سوف تصبح المشكلة أكثر تعقيداً وهذا ما لا نريده، لهذا علينا جميعاً وكل شخص من موقعه السعي من الآن لإحتواء هذه الأزمه الثقافية التي نمر بها ،لمنعها من التمدد والإنتشار مع أنها للأسف أصبحت ظاهره ،ولكن الإستسلام أمامها يعني لها زراعة المزيد من الأفكار الظلامية بعقول النشئ الجديد ،ولهذا علينا محاربة هذه الظاهره وهذا الغزو ،ونستطيع مكافحة هذا الوباء الثقافي والغزو القذر لنا ثقافياً ،بالنقد والعمل ،وليس الإكتفاء بالنقد دون عمل لحصد نتائج إيجابيه ،وأثق بأن هناك إناس كثر يسعون كما أسعى لأحداث هذا التغيير ،فلنعمل جميعاً ضمن هذا الإطار ،فكلنا مسؤولون وكلنا مستهدفون ومن يعمل منا يعمل لنفسه قبل أن يعمل للآخرين ،ورسالتي لجميع القراء أتمنى من الجميع المساهمة الجدية بهذا المشروع وكما تحدث كل شخص من موقعه يستطيع دعم هذا المشروع التنويري الهادف إلى غحياء مشروعنا الثقافي العربي.