إن الحج أحد أركان الإسلام، فرضه الله تعالى لمن إستطاع إليه سبيلاً، والركن الأعظم من أركان الحج، هو الوقوف في عرفة، فمن لم يدرك هذا اليوم الفضيل من الحجاج فلا حج له، وترجع تسمية يوم عرفة أو عرفات الذي يوافق التاسع من ذي الحجة بهذا الاسم؛ لتعارف الناس فيه، وعرفة مكان يبعد عن مكة المكرمة 22 كم.
إنّ ليوم عرفة فضائل جمة تميزه عن غيره من الأيام؛ هو يوم رفيع المكانة، يعظم فيه الأجر، وتقبل فيه الأعمال، وتجاب فيه الدعوات، وهو يوم مشهود أقسم فيه رب الأرض والسماوات؛ إذ قال:"وشاهد ومشهود"، وهو الوتر الذي قال الله عزوجل فيه: " والشفع والوتر".
إنّ الله تعالى يباهي فيه الملائكة بأهل عرفة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال:" إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ، فيقول لهم : أنظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً". ومن فضائل هذا اليوم المبارك أنه يوم إتمام النعمة وإكمال الدين؛ فقد قال الله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً".
يستحب الصيام في يوم عرفة لغير الحاج إستحباباً شديداً؛ فقد ورد عن أبي قتادة أن رسول الله سئل عن صوم يوم عرفة فقال:"يكفر السنة الماضية والسنة القابلة"، وذلك لأنه يوم مغفرة للذنوب وعتق من النار، ففي صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال:"ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟" .
أما مناسكه أن يصلي الحاج في "منى" صلاة الفجر، حيث تبعد "منى" سبعة كيلومترات عن مكة المكرمة، ثم ينتظر الحاج شروق الشمس، ثم يذهب لعرفة ملبياً، ويقضي فيها النهار حتى غروب الشمس، يقضيه بالدعاء والإستغفار،اقتداءً بالنبي العدنان. ويلقي الإمام خطبة ثم يصلي الحجاج من خلفه الظهر والعصر جمعاً وقصراً، بآذان واحد وإقامتين.
فكما قيل :"من لم يستطع منا الوقوف في عرفة، فليقف عند حدود الله الذي عرفه".