إنّ يوم الزينة هو ذلك اليوم الذي ضرب فيه سيّدنا موسى عليه السلام موعداً مع فرعون عصره ليلتقيا فيه ويعرض كلاهما ما لديه من سحر ومعجزات فتكون الحجة للغالب فيهما على المغلوب، بحيث يقرّ المغلوب للغالب فيه بأنه على حق وأنّ الحق إلى جانبه، وقد ورد في القرآن ما يشير إلى تلك الحادثة بقوله تعالى: " قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى"، ولكن رغم أنّ الغلبة كانت لسيدنا موسى عليه السلام إلّا أنّ فرعون أبى واستكبر وزاد كفراً على تعرف ما هو عليه من الكفر، وتشير معظم الأدلة أنّ رمسيس الثاني كان هو ذلك الفرعون الذي حاجج سيدنا موسى عليه السلام آنذاك، ولكن تعرف ما هو يوم الزينة؟ وهل هو عيد من الأعياد؟ ومتى يصادف وقوعه؟
لقد كان الفراعنة يحتفلون بعيد النيروز وهو عيد الربيع أو عيد شم النسيم كما يطلق عليه هذه الأيام في وقتنا الحالي المعاصر، وقد قيل إنّ موعده كان في يوم عاشوراء، العاشر من الشهر العربي محرم ويقال إنّ اليوم كان في حينها يوم سبت، ويوم الزينة هذا هو عيد يتزيّن الناس فيه ويرتدون اجمل وافضل ما لديهم من الملابس ذات الألوان الزاهية، صغاراً كانوا أم كباراً، رجالاً ونساءً، وينثرون على وجوههم وملابسهم مسحوقاً مليئاً بالغبار، وألواناً مختلفة لإشاعة مزيد من البهجة وطقوس المسرّة والاحتفال بهذا اليوم، ولا يزال هذا العيد يعتبر من أهم الأعياد لدى قوميات عديدة مختلفة؛ فهو دارج ومشهور في مصر، وفي الهند وباكستان وإيران وكردستان وتركيا وأذربيجان وأرمينيا وغيرها من البلدان، يخرج الناس فيه خلال الربيع ويحتفلون، وتلبس فيه الفتيات الجميلات الفساتين الملوّنة والمزركشة، ويخرج فيه الجميع إلى أحضان الطبيعة،يأكلون ويرقصون وينشدون ويتجمعون في حلقات عديدة يبتهجون ويحتفلون فيها، وفي الوقت الذي نجد فيه أقواماً يقدّسون هذا العيد أو يعتبرونه من أهم أعيادهم، نجد أقواماً أخرى تنكر عليهم الاحتفال به، ويعدّونه ويعتبرونه عيداً وثنيّاً وكفريّاً لا يجب الاحتفال فيه، وعلى رأس هؤلاء المنكرين رجال الدين المسلمين الذين لا يعترفون إلا بعيدين للمسلمين: عيد الفطر الذي يعقب شهر رمضان، وعيد الأضحى الذي يليه بحوالي شهرين، ويتّفق معهم في ذلك رجال الدين المسيحيين الذين لا يعترفون بعيد سوى الأعياد المذكورة في كتابهم المقدس وخاصة المذكورة في العهد الجديد.
ورغم كلّ شيء يبقى يوم الزينة، أو عيد النيروز أو شم النسيم عيداً يبعث على المرح والغبطة والسرور، ولا يحمل في ثناياه ما فيه غمز بالله وألوهيّته، ولكن المتشددين والمتزمّتين يرفضون كلّ شيء دون النظر إلى حقيقته ومدى مخالفته للدين، ويأخذون الأمور عبثاً.