خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وأودع فيه مشاعر وغرائز اتجاه من حوله ، فكلا الجنسين الذّكر والأنثى قد وضع الله فيهما ميلاً ومشاعر اتجاه بعضهما ، وكلّ ذلك من أجل استمرار الحياة وديمومتها في جوّ من الألفة والمحبّة ، وكانت غريزة الحبّ في نفس الإنسان منذ أن خلقه الله ، فقد مال آدم إلى حوّاء حين خلقت من ضلعه وحنّ إليها وتزوّجها بعد أن شعر بوجود ميلٍ فطريٍ غريزيٍّ اتجاهها ، ثمّ حملت منه وولدت له ذريّة كان منهم قابيل وهابيل اللذان وردت قصّتهما في القرآن الكريم وكيف قتل أحدهما أخيه ، وممّا روي أنّه جرت العادة على أن يتزوج ذكر أحد البطون من أنثى البطن الآخر حرصاً على البعد ، فأراد قابيل أن يتزوّج أخت هابيل التي من بطنه بعد أن أحبّها ورغب بها ، ولكنّ الشّريعة آنذاك كانت لا تبيح ذلك فقدّم كلّ واحدٍ منهم قرباناً لله ، فتقبّل من هابيل ولم يتقبّل من قابيل ، فسوّل له الشّيطان قتل أخيه هابيل فقتله وأخذ وزره إلى يوم القيامة .
و قد كان في العصر القديم أمبراطورٌ رومانيٌّ يمنع الجنود وهم في سنّ الشّباب أن يتزوّجوا رغبةً في الحفاظ على كفاءتهم وقوّتهم بزعمه ، فغضب لذلك الأمر قسيسٌ في ذلك الزّمان يسمى فالنتين ، وأصرّ على عقد الزّواج بين الشّباب من الجنسين بشكلٍ سريٍّ حتى علم الإمبراطور بذلك فأمر بسجنه حتى أعدم ، فذهبت هذه الحادثة مثلاً في التّاريخ حتى عيّن يومٌ هو الرّابع عشر من فبراير عيداً للمحبّين وسمّي عيد الحبّ أو عيد الفالنتين .
و المسلم موقفه من هذا العيد نابعٌ من ديننا الإسلاميّ الذي أكدّ على مفهوم وتعريف ومعنى الحبّ بأشكاله المختلفة ، بين الإبن ووالديه وبين الرّجل وزوجته وبين النّاس بعضهم البعض ، ولكنّ الحبّ في ديننا محكومٌ بضوابط فلا يُرى للمتحابين إلا النّكاح أي الزّواج كما قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ، وكذلك حثّنا رسول الله على الإعتدال في حبّ الأشخاص لأنّ القلوب متغيّرةٌ متقلّبةٌ ، ولكي لا ينكسر قلب المؤمن إذا أحبّ أحداً حباً كبيراً ثمّ انقلب عنه ورحل ، وإنّ في ديننا لنماذج رائعةٍ في الحبّ أجملها وأحلاها حبّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لزوجته عائشة رضي الله عنها ففيها العبر والقدوة الحسنة عن ما سواها من قصصٍ يتناقله البعض من حضاراتٍ ابتعدت عن قيم الدّين وأخلاقيّاته .