القرآن الكريم
إنّ القرآن الكريم خير كتاب أنزله الله على خاتم رسله، واحسن وأفضل خلقه ليكون للعالمين مبشراً، ونذيراً، وهو منزّل على خيرِ أمة أُخرجت للناس أمة الإسلام؛ ليُبين لها أمور دينها، ودنياها، ودستوراً لشريعتها إلى يوم الدين، والاهتمام بكتاب الله تلاوة، وحفظاً، وتفسيراً واجب الأمة الإسلامية، وقد وعد الله، ورسوله حملة كتاب الله العظيم بالأجر، ورفعة الشأن، والتميز في الدنيا، والآخرة. قال رسول الله: "خيركم من تعلم القرآن وعلّمه". كما أن القارئ المجيد لتلاوة كتاب الله يشعر بالرهبة، والرغبة خوفاً، وإجلالاً، وتقديراً لحبل الله المتين، لأنه يقف خاشعاً متذللاً خاضعاً بين يدي الله يرجو رحمته، ويخاف عذابه دون رياء أو نفاق أو تملق، وفضل القرآن الكريم عظيم، لأنه كتاب الله الجليل، وكلامه فاطر السماوات، والأرض، فتعلمه، وتعليمه، واقتفاءَ أثره خيرٌ وفيرٌ يرافق المسلم طيلة حياته، ويشرح صدره، ويُنير دربه.
فضل حفظ القرآن الكريم
إنّ حافظ كتاب الله العامل به المتخلق بأخلاقه، وآدابه، القائم به طيلة حياته من الأخيار الأبرار، فمنزلة المسلم القارئ لمعجزة رسول الله تكون عند آخر آية يقرأها، وحافظ كتاب الله يُكرم والديه بتاج الوقار يوم الآخرة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، وقارئ القرآن مع السفرة الكرام البررة، وتكون قراءته بحسن العمل به، كما أنه نجاة من النار وبعد عنها، والعياذ بالله منها، ويُضاعف الله الحسنات في قراءة كتابه، فالحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء. وحفظ بعض سور، وآيات القرآن فرض عين على كل مسلم، ومسلمة، كحفظ سورة الفاتحة؛ لأن الصلاة لا تصح بغيرها، كذلك آيات التحصين، والحرز من الشيطان الرجيم هامة في أذكار الصباح، والمساء، وتلاوة القرآن كلها خير، وشفاعة، ورضا من الكريم المنّان. وعلى الحافظ المتم له المداومة على حفظه، وعدم تعريض ما تم حفظه للنسيان، كقراءة الورد الذي تم حفظه في الصلاة، وتكراره في اليوم أثناء العمل أو المشي وحيداً.
فوائد حفظ القرآن الكريم
ممّا لا شك فيه أن كتاب الله بلسم شاف لجميع الأمراض، ورحمة، وبركة على قارئه، ففوائده عديدة فريدة ملحوظة الأثر، والخير، والنفع، إذ إنّ أسعد فوائده الفوز بسعادة الدارين إن اقترن حفظه بالعمل الصالح، وتطبيق أحكامه، كذا الحافظ لكتاب الله يُكرمه الله بسرعة في البديهة، وقوة في الذاكرة، والعقل، لكثرة ما تم حفظه، وتكراره في عملية الحفظ، وتمييز الكلمات، وفهم معانيها، أيضاً يُكسب القرآن حافظه سعة في العلم، وتفوق، وتميز في كافة العلوم خصوصاً التي تحتاج لزيادة ذكاء، وفطنة كالطب، والرياضيات، والجبر، ومن فوائده السمت الحسن، والسلوك القويم الذي يتسم به حافظ كتاب الله، فتجده أحسن الناس خلقاً، وأكثرهم أدباً، وأخشاهم، وأكثرهم ورعاً؛ لأنه علم سيرة رسول الله، وسمته، وخلقه من خلال المعجزات الخالدة، وقرأ القصص الزاخرة بالفوائد المعينة على التخلق بالخلق الحسن، والابتعاد عن كل ما يغضب الله، ويُنافي مسيرة حافظ كتاب الله، وتجد قارئ القرآن عليه سمت الورع، والخوف من عذاب الله، ولسانه يكون دوماً رطباً بذكر الله، كما أنه يكون موضع ثقة بين الناس، ومحل احترام، وخير. لحفظ القرآن الكريم هنالك عوامل ضرورية كالاستعداد الشخصي، والعمر المناسب، والاستعداد يكون بالرغبة، والتطلع، والاهتمام فإذا اجتمعت هذه الصفات في الطالب أوجدت لديه التركيز الذي يأتي تلقائياً دون أي صعوبة، أمّا العمر المناسب فليس محصوراً لفئة معينة من العمر، فما بين السنة السابعة إلى الخامسة عشر احسن وأفضل الوقت لاغتنام الفرصة؛ والأطفال إلى سن دون المراهقة أو بعدها بقليل هم المادة الأساسية الأولى بحفظ القرآن الكريم؛ كونه سن تقبل المعلومات، والمحفوظات في يسر، وسهولة، والتعلم في الصغر، وعهد الصبا هو عهد الحفظ الناجع الأكثر سرعاً، والأشد تمكيناً، فكما قال العرب: "التعلم في الصغر كالنقش على الحجر". كذلك تتمتع هذه الفئة العمرية بالتذكر الآلي بصورة خاصة، ومن الصحابة الذين حفظوا القرآن في صباهم ابن عباس، وإذا كان الأطفال أرسخ حفظاً، وأسرع استجابةً، فأيضاً الشباب هم الأكثر استيعاباً، واتقاناً، والشيوخ أكثر ادراكاً، وفهماً للمعاني القرآنية، ويزداد الإتقان كلما ازدادت العناية بالقرآن تلاوة، وتكراراً.
طريقة سهلة وبسيطه لحفظ القرآن الكريم
إنّ حفظ كتاب الله يقوم عملياً على مبدأ التلاوة الكثيرة، وعلى تكرار المحفوظ آناء الليل، وآناء النهار، وهذه المداومة على كتابه الكريم لا يمنح الله شرفها إلا للأخيار الذين يحبون الله، ورسوله، ويتلذذون في القرب من طاعته.
ما أحوج المسلم لهذه السكينة، والطمأنينة في حياته اليومية، والشعور برضا الله، وعظيم كرمه حين الإحسان إلى كتابه الكريم، والعمل بأحكامه، وآدابه، وتجنب نواهيه، والقرآن ميسر في تلاوته، وحفظه، وتدبره، تيسيراً على القارئ له، ورسول الله أول الحافظين، وإمام المقرئين، وقدوة المسلمين، حفظ القرآن حرفاً حرفا،ً وتلقاه عن جبريل عليه السلام، ونقله للصحابة، فعثمان بن عفان احسن وأفضل من قرأ على النبي، وعيّن زيد بن ثابت الأنصاري لكتابة المصحف؛ لذكائه، ونجابته رغم صغر سنه، وأقبل الصحابة كلهم يسارعون في طلب رحمة الله، وعفوه، وقراءة كتابه، والعمل به، فلقد تلقّوه من فم النبي كله بقراءاته، ورواياته، ولم يضيعوا من جملة، ولم يغفلوا عن كلمة منه، ولم يهملوا حرفاً، أو حركة، وكان يُنقل على وجه من الإحكام، والإتقان، والتجويد، وحين جاء التابعين عكفوا على قراءته، وتلقينه، وتعليمه، واعتنوا كل العناية بحفظه وتحرير قراءته، وتحقيق رواياته، وكان ذلك أهم أعمالهم، وأقربها إلى قلوبهم لنيل ثواب الله وكسب رضاه في الدنيا، والآخرة.
لقد كان للنساء من حفظ القرآن الكريم نصيب، فأم ورقة بنت عبد الله بن الحارث كانت مجيدة جامعة له، لذا كان يزورها رسول الله، ويسميها الشهيدة، ونقل الصحابة، والتابعين كتاب الله ووصل جيلاً بعد جيل مكللاً بالرعاية، والعناية من الله تعالى لأنه تعهّد بحفظه.
حفظ القرآن الكريم في شهرين
انتشرت مراكز تحفيظ القرآن الكريم، وازداد إقبال الناس عليها، ولكثرة المقبلين على طاعة الله، ورسوله، وحفظ كتاب الله الكريم ازداد حرص الذين يقومون على تحفيظ القرآن الكريم على إعداد خطة لتيسير الحفظ، وكيفيته، وحفظ القرآن في شهرين يكون عبر:
- تجديد النية في حفظ القرآن ابتغاء وجه الله، ورضاه، وأن يُلبس والديه تاج الوقار، ويكون باراً لهم في الدنيا، والآخرة.
- حفظ كل يوم 10 صفحات، ويكون ذلك بتقسيمها بعد كل صلاة صفحتين، ومراجعة ما تم حفظه في الصلاة السابقة وقراءته في وقت الصلاة الآتية؛ لتثبيت الحفظ
- يُستحب الاستيقاظ في اليوم التالي قبل بدء صلاة الفجر، ومراجعة ما تم حفظه، واكمال في اليوم 10 صفحات حفظاً، وتثبيتاً، ويكون بذلك في يومين حفظ جزء.
- تخصيص يوم الجمعة لمراجعة كل ما تم حفظه.
حفظ القرآن الكريم في سنتين ونصف
سرعة حفظ كتاب الله تخضع لعدة عوامل منها، التفرغ للطاعة، ومدى القدرة على حفظ كميات كبيرة، وصفحات كثيرة منه، كذلك الاستيعاب عامل مهم في زمن حفظ القرآن، وهنالك جداول تساعد المسلم على حفظ كتاب الله بالوقت الذي يناسبه، والكمية التي تناسب عقله، وجهده.
- وبرنامج حفظ القرآن في عامين، يكون فيه برنامجاَ يومياً، وأسبوعياً، فاليومي يكون بحفظ صفحة واحدة يومياً، نصف صفحة بعد صلاة الفجر، ونصف صفحة في المساء، والزمن التقديري يكون 60 دقيقة.
- يُراجع ما تم حفظه من الصفحات السبع السابقة في نهاية الأسبوع، والالتزام بقراءة المحفوظ في الصلوات، والنوافل ابتداء من أول المصحف، وانتهاء بآخر ما حفظ، والزمن التقديري يكون 20 دقيقة نفس مجموع وقت الصلوات العادية السنن الراتبة تقريباً، وفي الجمعة التي يكون قد أنهى جزءاً يراجع ما تم حفظه كاملاً عن ظهر قلب، والزمن التقديري يكون ساعة واحدة.